المقالات

يوم النصر العظيم..!


 

عزيز الإبراهيمي ||

 

كنت في العاشرة من العمر وكان سطح الدار هو الملاذ الوحيد للنوم في ايام الصيف القائضة ذلك النوم الذي يأتي كالمنقذ بعد جولة تخوضها مع البك والحرمس وتلك الجولات الحرمسية وان توفر لك المناعة الا انها تسلب منك النضارة وتكسبك صفارا ممزوج بسمرة وقليل من النمش. لم اشعر الا باحد افراد الاسرة يسحبني وهو يصيح بان الجو محترك وكان المشهد الذي رأيته بعد ان فتحت عيني مرعب للكبار فضلا عن الأطفال فأصوات الرمي ومناظر المذنب تخطف الالباب.

ماهي الا لحظات حتى انخرطت كالأحمق في فرحة كانت تسيطر على الأجواء ووجدت نفسي اردد مع بعض الأطفال (هي هي خلصت الحرب على ايران ونحن نتسابق الى التقاط الاغلوف التي تخلفها البنادق), الحرب التي تعرفنا عليها مبكرا من خلال قوافل الموت التي كانت تخطف رجال وشاب القرية.

ثمان سنوات من حرب مفروضة على الشيعة لم يكن لها هدف ولا غاية الا الذبح لأبناء هذه الطائفة بغض النظر عن البلد والقومية التي ينتمون اليها, ولازلت أتذكر الحيرة ومشاعر الطفولة المربكة ازاءها, ففي المدرسة الابتدائية نلقن بعبارات الخميني الدجال والفرس المجوس اما في البيت فالأمر مختلف: فعندما ياتي المساء وتبدأ المعاناة مع فر الشبكة ( وهي عملية يقوم بها احد افراد الاسرة بينما الجميع ينادي: لا...  اي.. لا..  اي خلها صفت.. لا ..فر بعد.. لا شوية).

  وفي هذه العملية الدورانية للشبكة يلتقط التلفاز فيها بعض القنوات الفارسية التي تظهر صورة للأمام الخميني رضوان الله عليه فنشاهد لحظتها الوالد رحمه الله يصلي على محمد واله  بصوت منخفض وعندما تستقر الصورة على قناة جمهورية العراق وتظهر صورة صدام يبصق بمرارة على صورة الرئيس حتى تتشوه الرؤية.. لم يكن الامر سيئا بالنسبة لنا كثيرا فلا نحتاج عندها الا لقطعة قماش لتنظيف شاشة التلفاز المثقلة بالأتربة....

الا ان تلك التناقضات اربكت افكارنا ولم نستطع فك طلاسمها حتى كبرنا في العمر.

الكثير من المجتمعات تخوض حروب وكل الحروب فيها خسائر ولكن ما يعاظم تلك الخسائر ان المجتمع يخوض حربا من دون قضية ولا هدف فيستيقظ بعد حين ليجد ان كل تلك الدماء التي سالت والممتلكات التي خربت والنفوس التي دمرت هي مجرد عبث, ولعل الحرب مع ايران اذاقت الشيعة في العراق مرارتين اولها انها حرب بلا هدف ولا قضية و الأخرى انهم كانوا يساقون الى خوضها قسرا من قبل ازلام البعث تلبية لشهوات ابن العوجة وحماقاته.

ان يوم النصر العظيم عندما ندرك اننا في مسيرة حياتنا كأفراد ومجتمعات نحتاج الى قضية نستشعر لذة العيش معها وجميل التضحية في سبيلها.

ــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك