إيمان عبدالرحمن الدشتي
يوم 9 من نيسان عام 2003، يوم بزغت فيه شمس الحرية بعد أفول طويل، كان يوما ربيعيا كل شي فيه جميل، وأجمل ما فيه هو ولادة الأمل الذي تعسرت ولادته 35 عاما، فيا ترى هل شب الأمل مثل من ولدوا في هذا التاريخ؟، ام أنه ما يزال يحبو؟!.
تنفس العراقيون الصعداء بعد رحيل طغمة فاسدة ظلت جاثمة على صدر العراق لعقود من الزمن، نفس فيه طعم الحرية التي لم يتجرأوا أن يحلموا فيها حتى في مناماتهم بعد أن ضاقت بهم السبل للخلاص من هذه الشرذمة الظالمة، لكن ارادة الله أقوى من ارادة الطغاة ومهما تجبروا وتفرعنوا فهو امهال وليس إهمال من الله الجبار المنتقم، فأمّن المهاجر العراقي الذي لم يكن يأمن على نفسه وهو في المهجر من بطش أزلام الأمن الصدامي المجرم، وعاد بعض المهجَّرين الذين ارغموا على ترك ديارهم وموطنهم ورُموا وراء الحدود بلا ذنب أو جناية، وحتى من كان مغيبا خلف القضبان عرف مصيره وعاد ولكن بشكل آخر!، إما كومة من عظام او اسما في سجل ملك الموت، طرزت اسمائهم في صفحة المخلدين، أما من عايشوا ظلم واستبداد النظام المجرم، والحرمان والخوف في كل لحظاته وبشكل مباشر فقد تفاءلوا بعهد جديد، فاستشعرنا جميعنا للوهلة الأولى ان الخير قادم وان السنين العجاف ولت من غير رجعة، وأن الظلم لن يعود ليتجرأ أو يتطاول علينا مرة أخرى، وسيصبح العراق من الدول المتقدمة بأمنه وخيراته وسواعد ابنائه، واجتمع سياسيونا الجدد من مشارب مختلفة كل منهم يمثل قوميته او مذهبه او دينه، ثلة قليلة منهم كانت تمثل العراق بأكمله، وبانت معالم العملية السياسية الجديدة ووضع دستورها بعد مخاضات عديدة وتحديات لا تحصى، وجاءت فرصة الانتخابات التي انتظرناها لتشكيل حكومة عادلة باختيارنا، فكنا نذهب الى صناديق الاقتراع مصطحبين عوائلنا وكأننا ماضون الى عرس أسميناه "العرس الانتخابي"، وتحركت الاجندات الخارجية والتدخلات الاقليمية والتحالفات الداخلية، ولم تكن النتائج الانتخابية بالمستوى المطلوب، واصبحت واجهة الحكم هي للاكثرية الشيعية التي استبعدت كل السنين الماضية، ولكن خلف هذه الواجهة كانت تحاك المؤامرات والترصدات ووضع العصي في عجلة التقدم من قبل هذا أو ذاك من شركاء الوطن وبمساعدة الأعداء كي يروجون لمقولة "ان الشيعة ليسوا أهلا للحكم"، وهذا ما يحتم على الشيعة بذل جهود إضافية لنجاح العملية السياسية وإثبات انهم أهل لذلك ولتهيئة الأمور لإستقبال قائدنا الغائب الموعود الحجة بن الحسن عجل الله فرجه الشريف بعد أن يأذن له الله تعالى بالظهور قريبا أن شاء الله، وفي كل دورة انتخابية كنا نشارك، متأملين إصلاحا جديدا للعملية السياسية يستشعر المواطن حيثياته، ولم تدخر المرجعية الدينية الرشيدة جهدا لتوعية الشعب وإرشاده في حسن اختيار المرشح، وحرصت على ان تكون الراعي والأب الروحي لكل العراقيين،
إلا أن العراقيين وللأسف لم يستثمروا هذا الموقف المعاضد والمساند والموجه لهم، ولم تتبدل قناعاتهم لإختيار الأفضل والاصلح والانفع للعراق وشعبه، بل ظلوا متمسكين إما بانتخاب نفس الوجوه التي لم تجلب الخير للوطن، الوجوه التي فرطت بالفرص التاريخية التي ما كانت لتأتي الا ببركة صبر الأحرار ودماء الشهداء، وإما باختيار وجوه جديدة لم تكن بأحسن من سابقتها.
وفي كل دورة انتخابية كانت تبرز أسماء ووجوه اخرى جديدة مرشحة لخوض الإنتخابات نعوّل عليها تصحیح المسار، ثم لا نبرح أن نجني خيبة الأمل ويمضي الحال باسوء مما كان عليه.
وبما أننا مقبلون على انتخابات جديدة، فإن الأمل مازال قائما رغم انه ضئيل جدا، إلا اننا وبعد كل ما مررنا به من ظروف قاسية، نحمل في اعماقنا اسئلة جمة للمرشحين الجدد تبحث عن أجوبة صادقة: هل أنكم قادمون بنظريات جديدة للحكم، أم أنكم على منوال من سبقكم؟، هل فعلا تملكون رؤى وبرامج من شأنها تصحيح المسار، أم انها وعود كاذبة للقفز على أكتاف الشعب الجريح، وللاستحواذ على ما تبقى من خيرات الوطن؟، هل تقدمتم للترشيح وانتم تحملون هموم الوطن وعوز الفقراء، أم أنكم أنتم من تفتقرون للاخلاص والمصداقية والوطنية؟، هل أنكم قادرون على مواجهة كل التحديات الداخلية والخارجية بعزيمة واصرار من أجل العراق، أم ستخرس السنتكم في الدفاع عنه؟، هل تعلمون ان الله لا يضيع اجر من أحسن عملا، وأنه شديد العقاب على من يفرط بحقوق الرعية؟..... وكثير من الأسئلة التي تحمل الألم واللوعة.
فيا أيها المرشحون الجدد: خذوا الموعظة من تجارب من سبقكم وكونوا قدوة لمن سيليكم، واعلموا ان التأريخ لا يرحم الظالمين، ومثلما اذل طاغية عصرنا فإنه سيذل كل متجبر أفاك، وتذكروا دوما شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم (رضوان الله تعالى عليه) الذي كان انموذجا للقائد المخلص والوفي لشعبه والصادح بالحق دون تردد والواقف بوجه العدو المحتل كالطود الشامخ مطالبا بحقوق شعبه ووطنه.
https://telegram.me/buratha