محمد فخري المولى ||
طالبان وكابل كانت محط أنظار العالم منذ حقبة الثمانينات .
طالبان جمع كلمة طالب ، واسمهم هذا يعني أنهم طلاب العلوم الشرعية ، وهم بالفعل طلاب العلوم الشرعية التقليدية المعروفة هناك .
ابتدا الأحداث بحركة تحررية للخلاص من حكم الاتحاد السوفيتي السابق ، كانت الصبغة الإسلامية هي شعار التحرير ، فعلا قاتل الجميع بمختلف الطوائف تحت عباءة الجهاد .
الجهاد ومقارعة الاتحاد السوفيتي بمنازلة مفتوحة حولت أفغانستان الى محور جهادي لمقارعة المحتل ،
تحولت أفغانستان بهذه الفترة من انها شان داخلي محلي الى شان اقليمي ثم تحولت شان دولي عالمي .
انطلق الجهاديين من كل حدب وصوب من اسقاع الأرض وتدفقت الأموال والدعم لتلك البقعة .
تحقق النصر لكن تحول اتجاه الصراع بين المقاتلين الى للأجنحة المسلحة فتفرق عقد الوحدة الداخلي ، هذا الامر سرعان ما تحول إلى صراع زعامة ونفوذ .
المقاتلين وهم كل من وصل الى هناك استقر وتجذر ليتحول الى منصة جهادية اعلامية وفق رؤيته وطريقته ومنهجه.
بن لادن شاهد حي تحول من مقاتل الى قائد ثم الى زعيم جهادي روحي غير بمنهج وطريقة القتال حيث اقترح واجاد بذلك فحول القتال الى أمريكا العدو الاكبر هنا مفارقة الحرب مع روسيا ليكون العدو أمريكا .
الفكر الجهادي للمقاتلين تطور وتحول من محاربة الاتحاد السوفيتي الى الولايات المتحدة الأمريكية وايضا بتكتيك الحرب لعدم وجود أمريكا على ارض أفغانستان الى هجوم 11 سبتمبر مطلع التسعينات لبرجي التجارة العالميين .
هذا الحدث اذن بل أعطى لامريكا العذر تحت مسمى محاربة الإرهاب للانطلاق حول العالم فكانت افغانستان مسرح عمليات وخطط وتدخل مباشر ، بالتزامن اعلن بوش الاب ان هناك علاقة بين بن لادن وصدام وهما المختلفين بكل تفصيل ولا توجد بينهما نقطة لقاء او مشترك.
العراق كان المحطة الثانية بالتسعينات بعذر اسلحة الدمار الشامل ، طبعا الكويت الذريعة
والمنطلق والقاعدة بسبب الافق السياسي الضيق للنظام السابق .
بن لادن ورعيله من الخط الثاني المقاتلين كانو أدوات برؤية العالمية الجديدة للجهاد ونتائجهم أفغانستان وباكستان صفيح من نار وقتل ومفخخات وانتحاريين وهو تحول خطير ومهم ، التحول والتغيير من الجهاد المباشر ونتيجته الجنة الى انتحاريين بنتيجة الجنة والشهادة وهذه صفات الجيل الثاني .
تدخلت أمريكا بشكل مباشر لتكون بمجابهة القاعدة واسامة بن لادن ، استطاعت السيطرة على أفغانستان وكابل ولاحقت بن لادن بعملية استخبارية لتقضي عليه بعقر داره البعيد عن العين والرقابة .
أمريكا وعدت بالتغيير والأفضل فتحقق تغييرا شكليا وهذا ما اثبتته الأيام والنتائج والخلاصات.
بعد عام 2003 بعد احداث العراق وانهيار الدولة العراقية تحول النفوذ وساحة العمليات اليه ضمن الخط الثالث ابو مصعب الزرقاوي ضمن خط القاعدة ، بلاد الشام وسوريا دخلت على الخط لنجد ان هناك حلم انطلق للأجنحة المسلحة المتفرقة لما سمي اختصارا بداعش فيما بعد ، هنا شهدنا تحول فكري جديد من محاربة المحتل الى محاربة كل من يعارض حكم ما يسمى الدولة الإسلامية فكان البغدادي قائد الاتجاه الجديد .
لنجدد صياغة المشهد ، طالبان في نظر داعش والقاعدة مبتدعة لأنهم على خلاف المنهج السلفي .
هنا ننوه انه عندما تنهار القاعدة الأولى أفغانستان وتعود طالبان
ستعود برؤية جديدة لايمكن أن تضاد من خرج من رحمها .
انهارت أفغانستان وسقطت كابل بعد كل هذه الأعوام من البناء الإداري والسياسي الهش وغير السليم مع تطور فكري للمقاتلين ، فذلك ببساطة التهيئة لجيل جديد من الفكر المتطرف بحواضن فكرية لوجستية موجودة .
اذن من هنا آلى هنا ، فعدنا الى نقطة الصفر لكن بفكر متحور جديد وصل الجيل الخامس من تطور الفكر لهذه الفئة .
طبعا انهيار المنظومة الإدارية والحكم ، لينتهي حكم أفغانستان بسقوط كابل العاصمة .
الحدث ليس مفاجى كثيرا لانه يبدو ان الجاه والمال والسلطة أنهى الثوابت الأولى التي كانت حاضرة مثل الشعور الوطني والمواطنة قبل الاحداث ، فهي شعار تنظيري للمسؤولين لكنه مبدأ عمل للمواطن البسيط ، ولولا ان الفساد بكل المفاصل وصل لمستويات عالية وكبيرة لما انهارت الدولة الإدارية
واحدة تلو الأخرى فإنهارت مدن أفغانستان التي تصل الى 34 ولاية وهرب جنود الحكومة والجهاز الحكومي الامني والعسكري .
اذن الفساد المستشري في حكومة اشرف غني والثراء غير الطبيعي لطبقة من السياسيين في مقابل فقر وجوع وفقدان الامن والامل لعموم المواطنين ساهم بشكل فاعل بنهاية المشهد ، اذن بناء إداري إستمر لعشرين عاما ، وإستنزفت الأموال والأنفس ، منذ إستدعاء قوات أجنبية في العام 2001 بعد تفجير برجي التجارة الى اليوم انتهى بلحظة .
اما الجيش فلايملك مبررا للدفاع والقتال لانه وضع بمعادلة من الصعوبة إيجاد البوصلة الصحيحة للأحداث وما الاندفاع نحو مطار كابول بذلك المشهد والعدد الذين ان تنظمو بشكل وطني حقيقي بشعور مواطنة صالحةحقيقية لكانت قوتهم قادرة على دحر اي عدو او خطر داخلي او خارجي .
السؤال الاهم ببلاد الشام والعراق تحديدا ، هو ما يجب النظر اليه بجدية ، لماذا الخوف من طالبان وافغانستان وهي ليست ذات حدود مشتركة .
الجواب لأن هناك من يعتقد وهو جزء من الحواضن الفكرية ان دعمهم هو أفضل لانه يمكن أن يحقق نوعا من التوازن مع اتساع النفوذ الإيراني ، هذه نقطة جديرة بالاهتمام والدراسة في هذا الظرف لأنها جزء من التوجه الفكري الذي منع الكثيرين من محاربة داعش بايامه الأولى لأنهم يضنون انه النسخة الأولى من طالبان او القاعدة لوجود تقارب ديني عقائدي مجتمعي .
هذا من زاوية ، ثم لنتجه
لزاوية اخرى يجب النظر اليها بجدية ، لاستثمارها فكريا بالمناطق الهشة او الحواضن الفكرية ، محنة داعش قد ولدت ردود فعل جعلت بعض الشباب لا يريد أن يسمع كلمة جهاد أو تطبيق الشريعة أو مقاومة المحتل ، وربما حتى السمت الديني .
نردد اخيرا بزواية اجتماعية نفسية نظرة دينية عقائدية ، واضعين على جنب الصراع الدولي بين الصين وامريكا وروسيا وطبعا ايران بخضم هذه المعادلة الصعبة نحاول الخروج باقل الخسائر ، اما بلاد الشام فهم خط تماس بل احيانا قاعدة للانطلاق ، اما الخليج فمن جهة سيوجه بوصلة الاحداث لأنها بعض الأحداث ومواطن التوتر ومنها اليمن والمياه الإقليمية ستكون حاضرة .
لنختم بفترة سابقة قامت الخارجية الأمريكية بفتح قنوات اتصال مع كل الجماعات المسلحة في العالم ومنها أفغانستان التي ستكون خلاصاتها التي وضعت على طاولة نائب الرئيس السابق والرئيس الحالي قد التنفيذ .
وحقا أجاد من ردد .
لاتستعجلوا الحكم والقلق ، فهناك المزيد من الإثارة في أمكنة مختلفة من العالم.
لنردد من جديد دققوا بالروايات والأحداث ولا تنتظرو وقوعها لانه بتلك الفترة ستكون الخسائر كبيرة
تقديري واعتزازي
https://telegram.me/buratha