محمد كريم الخاقاني *||
تمر الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الدولة العراقية الحديثة، إذ يعد تأريخ ٢٣٨١٩٢١ يوماً تأريخياً في ذاكرة العراقيين، فهو اليوم الذي يؤرخ عملياً لبداية دولة جديدة بعد ثورة الشعب العراقي الخالدة (ثورة العشرين) ضد الإحتلال البريطاني الذي انهى حكم الدولة العثمانية على العراق بولاياته الثلاث بغداد والبصرة والموصل، وترجع بدايات تأسيس الدولة العراقية بعقد مؤتمر القاهرة في آذار ١٩٢١ والذي عقدته وزارة المستعمرات البريطانية وكان من نتائجه هو إنشتء دولة ملكية في العراق
وتشكيل مجلس تأسيسي من مهامه تنصيب ملك على عرش العراق ،والذي إنتخب في جلسته بتأريخ ٢٣٨١٩٢١ الأمير فيصل بن الحسين ملكاً على العراق.
واسهم قيام الدولة العراقية في توحيد الجماعات في دولة واحدة في مهمة عُدت من اصعب مهام الملك فيصل الأول، إذ للمرة الأولى اجتمعت مختلف الجماعات المكونة للشعب العراقي في عام ١٩٢١ لتؤسس لقيام دولة جديدة، إذ لم يسبق للعراقيين ان تجمعت كلمتهم مثلما حصل في تتويج الملك فيصل الأول الذي تمتع بتأييد شعبي واسع لتولي العرش وإعلان المملكة العراقية.
وحسب رأي الباحثين تعد مرحلة تولي الملك فيصل الاول لعرش العراق بداية بناء الدولة العراقية، إذ يرجع الفضل اليه في وضع اللبنة الأولى لمؤسسات الدولة التي لا تزال تعمل بقوانين وانظمة تعود للعهد الملكي، وهذا ما يجعل اغلبية المهتمين بتاريخ الدولة العراقية ان يطلقوا على الملك فيصل الأول لقب(مؤسس الدولة العراقية) ، وجرت مراسم تتويجه في ساحة مبنى القشلة في بغداد لتعلن بداية مرحلة مهمة في تأريخ العراق الحديث ، وكان الملك يرى في العراق البيئة المناسبة لقيام مملكة تحتضن الخلافة التي اسسها والده الشريف حسين الذي قاد الثورة العربية الكبرى ضد الحكم العثماني، ومن بين ابرز الإنجازات التي تحققت في عهده هي الإستقلال عن الإحتلال البريطاني ونجاحه في دخول العراق في منظمة عصبة الأمم في عام ١٩٣٢ .
ويستشهد الباحثون بدور الملك الكبير في وضع أسس الدولة العراقية في مختلف المجالات سواء كانت عسكرية ومالية َإدارية وثقافية وغيرها، فقد أنشأ الملك فيصل الأول دولة تستند لمقومات الدولة الحديثة من حيث بناء نظام مالي وإداري وقضائي، ويمكن الإستدلال على ذلك من خلال تطبيق القوانين والعمل على إنجاز المشاريع كالجسور والسكك الحديد والمصانع وغيرها فضلاً عن تشكيل جيش عراقي وطني، ولذلك تعد مرحلة الملك فيصل الأول وما تلاه من تولي ولده الملك غازي ومن بعده الملك فيصل الثاني من المراحل الأبرز في تأريخ العراق الحديث بسبب نجاحها في إحداث التحول النوعي في مستوى الوعي السياسي والإجتماعي على الرغم من قصر مدتها، إذ لم تستمر طويلاً َذلك بسبب إطاحة مجموعة من الضباط بها في ١٤ تموز ١٩٥٨ لتعلن نهاية المرحلة الملكية وقيام الجمهورية لتنهي بذلك مرحلة لا تزال موضوع بحث ونقاش حول إيجابياتها وسلبياتها،
*اكاديمي وباحث في الشأن السياسي.