حسام الحاج حسين . ||
قرر شارل ديغول العودة الى الشرق الأوسط كمنصة للسياسة الخارجية لباريس من اجل المناورة على الأرث الأستعماري وانفتح على الدول العربية بسياسة أبوية حيث تؤمن الدبلوماسية الفرنسية بمبدأ التعامل الأبوي للزعماء الفرنسيين مع
حكومات المستعمرات التي كانت تحت احتلالهم لعقود ،،!
استطاع شارل ديغول من انتاج نوع خاص من السياسية سميت لاحقا ب ((سياسة فرنسا العربية )) ولم تنتهج باريس سياسة متجانسة مع جميع الدول العربية، كما أنها تعاملت مع إيران وإسرائيل والأكراد كمحاورين رئيسيين في كثير من الحالات.
تعود اليوم باريس الى المنطقة بعد تراجع لندن وواشنطن الى الوراء قليلا وقد بدئت من لبنان بعد تفجير مرفأ بيروت .
ترسم باريس خارطة المصالح وفق خطوط جيوسياسية تمتد من بنغازي الى طهران
وهي تلامس الحدود الجنوبية لتركيا العدو التقليدي للفرنسيين . و ترتكز فرنسا على وجودها في المنطقة في المزج بين الأدوات الدبلوماسية و العسكرية من خلال المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة الأرهاب في سوريا والعراق .
وايضا من خلال الوساطة الفرنسية المعقولة بين الإسرائيلين والفلسطينيين وايضا قيادة الدور الأوروبي في المفاوضات النووية للوساطة بين طهران و واشنطن .
تعتبر فرنسا نفسها ناطقة بأسم الأرادة الأوروبية ولديها تفويض بذلك نوعا ما وهي من تتصدى للطموحات التركية في ليبيا وشرق المتوسط والملف الكردي .
الوجود الفرنسي لن يكون نزهة في الشرق الأوسط . فالسياسة الفرنسية جعلتها عرضة لهجمات التنظيمات الأسلامية الراديكالية كداعش والقاعدة .
تعتقد بأريس بضرورة انشاء هوية أمنية أوروبية من خلال الوجود العسكري في معاقل التنظيمات الأرهابية لتحقيق الأمن الداخلي للدول الأوروبية .
وفي الوقت نفسه لم تنجح باريس في أدارة اي من ملفات الصراع سواء في ليبيا او سوريا او الأزمة السياسية في لبنان اضافة الى الملف النووي وتقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن والتي قادها الرئيس ماكرون بنفسه ..!
من المحتمل ايضا ان يكون الوجود الفرنسي في العراق على مسار تصادمي مع تركيا خاصة بعد خرق أنقرة للسيادة العراقية وقد تستخدم باريس ورقة مجلس الأمن الدولي ضد تركيا للحد من خروقاتها المتكررة على الأراضي العراقية ،،!
يبقى الهدف الأسمى من السياسة البونابرتية هو زيادة أصول فرنسا الاستراتيجية إلى حدها الأقصى ،،!
في هذه المنطقة الخطرة والبائسة من العالم ،،،!