ناجي الغزي *||
تعتبر التجربة الماليزية تجربة جديرة بالاهتمام والتأمل لكونها تتميز بالدروس والعبر في مجال التنمية الاقتصادية. وتعتبر ماليزيا من الدول ذات المقومات الكبيرة التي حققت خلال العقود الاربعة الماضية قفزات هائلة في التنمية الاقتصادية والبشرية. حيث اصبحت ماليزيا من الدول الصناعية المهمة في جنوب شرق آسيا وكذلك اصبحت دولة مهمة في مجال الصادرات. وتمكنت خلال تلك الفترة من تأسيس بنية تحية متطورة من خلال تنويع مصادر دخلها القومي من الصناعة والزراعة والمعادن والنفط والسياحة. كما حققت تقدما واضحا في معالجة الفقر ومحاربة الفساد، وتخفيض نسبة المديونية. ومن أهم ما يدفع الباحث لدراسة التجربة الماليزية في التنمية والاستفادة منها. هو النهج الاقتصادي الذي اتبعته ماليزيا في سياستها الاقتصادية، فقد اعتمدت على الانفتاح الاقتصادي والاستفادة من الاستثمارات الاجنبية في تنويع ورفع تنافسية الانشطة الاقتصادية وكذلك استثمار الطاقات والكوادر المهنية الشابة. وذلك من خلال الاهتمام بهم وتعليمهم وتدريبهم من اجل دفع عجلة التنمية. فكان التعليم التقني والتدريب المهني من أهم عوامل نجاح التجربة الصناعية الماليزية. حيث أعلنت ماليزيا سياسة النظر شرقا الى اليابان منذ عام ١٩٨١ حتى عام ١٩٩١ وهي سياسة الاقتداء بالتجربة اليابانية التي مثلت أخلاقيات العمل والمنهجية الصناعية. فكان التعليم والتدريب المهني والمعرفة الصناعية اهم البرامج التي استفادت منها ماليزيا من قبل اليابانيون. وقد انتهجت ماليزيا في تجربتها انموذج تصنيعي يسمى التصنيع العنقودي. ويقوم على اساس وجود علاقات ترابط بين الوحدات الانتاجية والنشاطات المتصلة بها على شكل عنقود. وتمثله في ذلك ثلاثة عناصر هي (الصناعات والموردون وخدمات الاعمال). حيث قامت الحكومة الماليزية بتأسيس قاعدة لشبكة المعلومات في المؤسسات الجامعية والمعاهد التدريبية وامدادها بموارد المعرفة والبنية التحية الاساسية. وشجعت الروابط بين الشركات والمراكز البحثية والمؤسسات المالية من أجل إستخدام أنشطة البحوث الجامعية لاغراض تجارية. وكان لهذه النهضة الاقتصادية مزايا واهداف إستراتيجية، أهمها هو دعم الوحدة الوطنية والتغلب على المعوقات والتحديات التي تحول دون القضاء على الانقسام العرقي والديني.
*/ كاتب سياسي