عبدالله الخاقاني
الآنَ اكتملت اللوحة واتضحت الصورة
وتمّ المشهد
وآن لي أن اتلمّس من جديد
تاريخ مدينةٍ في رجل
أو ربما تأريخ رجلٍ في مدينة ..
هناك بين ازقتها القديمة
كانت ولادة قمر ٍ من اقمارها الألف
ينسلُّ مِن محاريبها كصلاة نافلة
ويطلّ مِن شرفاتها نحو حضرة سيد المدينة الاعظم:
منارتين كذراعي مقاتل مهاب
وقبةٍ ذهبيةٍ كخوذة فدائيّ لن يتكرر..
هكذا بدأت الحكاية الاولى
لهذا الوليد (السعيد)
ومن هنا ستكبر صفحاتها وفصولها
لتشكل تاريخها بل تاريخ مدينته ووطنه
بل خارطة المحبّة كلها
إنّه وريث الفقاهة ومعلِّمها الكبير
ألمحهُ الان
حاملاً كراسته الاولى
متهجيِّاً حروف الجمال والكمال
يحمل في عينيه حلم الآباء
وفِي قلبه بشارة غد جديد.
ومن كراسته الى كتابه الاخير
مروراً بكل مافي المدينة من صحائف ومصاحف
كانت مسيرةُ النور تتَّسع
لتحيط مداراتها بالمنتمين الى دائرة محبّته
حيث النقاء والبهاء
وحيث يشمّ الانسان ُطينتَهُ الأولى
فيرتقي معرفةً وتواضعاً ونقاءً
فيتجلّى وهو اكثر اقتراباً من قوس خلاصه الابديّ
نعم انه هناك .. هنا
حيث تتداخل الامكنة
وتتلاشى عقارب الوقت في زمن انكشاف الحقيقة
اتطلعُ اليه الآنَ فأراهُ مبتهجاً بكل تفاصيل رحلاته السادسة والثمانين
التي لم (تحوجْ سمعه الى ترجمان )
اذْ كان يسمع ويرى ويدرك بنور القلب
نعم انه هناك .. هنا
أراهُ مبتهجاً بشيبته التي اشرقتْ بين محرابه وكتابه..
ومبتهجاً بقيوده التي صارت مفاتيح لابواب الرحمة..
مبتهجاً بظلام زنزانته الذي صار شمساً لاتغيب ..
مبتهجاً بما حوله ومَن حوله..
مبتهجاً بما كان وماهو كائن..
مبتهجاً بصورته في مرآته السالفةْ
وبحقيقته في مرآة وجوده الآخر
في حضرةِ النعيم الأبديِّ
....
عبدالله الخاقاني
محرم الحرام ١٤٤٣
https://telegram.me/buratha