مالك العظماوي ||
ما أن إنتهت مباراة العراق وإيران مساء أمس، حتى كشر البعثيون والحاقدون عن أنيابهم وأمسوا يكيلون الإتهامات للآخرين بما تهواه أنفسهم وبما تمليه العقيدة العفلقية عليهم.
وكمدخل للحديث نقول: أن هذا العالم بأجمعه تحت ولاية صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه)، الديانون وغير الديانين، المسلمون والمسيحيون، وجميع الأديان والمذاهب والمشارب في هذا الكون. وفلسفتنا فيه أن [الناس صنفان :إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق] كما وضعها سيد البلغاء والمتكلمين، أمير المؤمنين عليه السلام. فكيف إذا كانوا هم أبناء جلدتنا واخوتنا في الدين والمذهب، فمن المؤكد أن الأمر سيأخذ طابعاً آخراً من حيث الركون لهم والاستئناس بهم.
وكرة القدم كفعالية رياضية لا إشكال فيها، لكن الإشكال هو تسيس هذه اللعبة وجعلها تنافساً سياسياً غير شريف، بسبب ما تولد من بغضاء وشحناء وحقدا بين بني البشر. فكم من معارك دارت بين مشجعي فريقين من بلد واحد، وقد راحت ضحايا من الجانبين، وهم ينتمون إلى ذات البلد؟ وكم من أخوين شقيقين يعيشان تحت سقف واحد تشاجرا من أجل فريقي (الريال وبرشلونة مثلا)؟ فالأمر في كرة القدم لا يتعدى كونه إثارة للبغضاء والتفرقة، وخصوصاً عندما تسيس اللعبة وتكون تنافساً بين الدول، ويعبر عن الخاسر فيها (مهزوماً) وعن الرابح (ساحقاً للخصم)، فأين الإنسانية في ذلك كله؟
وكعادة البعثيين والحاقدين الذين يصورون كل شيء سيئاً في البلاد، وذلك بسبب حكم الإسلاميين - كما يدعون - والحقيقة هو بسبب القضاء على جرذهم في حفرته، وتنفس العراقيون نسيم الحرية - وإن كان الذين جاءوا بعد سقوط الجرذ فاسدون - إلا أن ذلك لم يمنعهم من التعبير عن أساهم وحزنهم على نظامهم العفلقي الفاشي، ويحاولون خلط الأوراق بأن (الشيعة) يفرحون لفوز إيران في المباراة ويحزنون لفوز العراق! فهل يُعقل منطق البعثيين هذا؟ وهل يصدقه سواهم ومن هو على شاكلتهم؟ فبالله عليك، لو يتنافس فريق قريتك مع فريق مدينتك التي تعود قريتكم لها، فمن المؤكد تشجع فريق القرية التي تنتمي لها، لكن هذه الأفكار المريضة لا تعيش ولا تترعرع سوى في النفوس المريضة من بقايا البعث الفاشي والحاقدين على مسيرة التغيير التي حصلت في العراق. ونحن على يقين بأن هذه الزوبعة كلها بسبب ان المنافس في المباراة هو إيران، ولو كان غيرها من دول الجوار لآختلف الأمر ولأصبح أن الفريقين شقيقان وايهما فاز فكلاهما فائزان، فنحن نعلم ذلك جيدا و [إنها شنشنة أعرفها من أخزم] !
أما بخصوص نظرتهم لجمهورية إيران الإسلامية، فالحقيقة تُقال وبلا مواربة، إنها نظرة جاهلة قاصرة، لأسباب عديدة، منها ولاية صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه) التي توحد العالم بأسره، كما ذكرنا، وكون إيران السند الحقيقي والواقعي والإمتداد الستتراتيجي الطبيعي لنا، وخير دليل على ذلك وقوفها معنا ومساندتها لنا بكل الإمكانيات بالحرب ضد الإرهاب التي كانت لا تهدد وجودنا فحسب، وإنما تهدد كيان الدين والمذهب بأجمعه، لكن هذه المواقف تنسى في الرخاء، وهذا ديدن البشر. ولابد لنا أن نوجه النداء وإبداء النصيحة لأبناء جلدتنا المخدوعين بإكذوبة القومية - التي ما انفكت ترسل لنا المفخخات والانتحاريين، وأفكار البعث الماسوني الذي قاتل جنباً إلى جنب مع الإرهاب الداعشي المهزوم. وإنا - حقيقة - نحزن كثيراً عندما نرى أبناء جلدتنا في هكذا حال، وأننا والله نعطف على شدة جهلهم بالحياة وبإمور دينهم، ولو أنهم تعلموا شيئاً وإن كان يسيراً من فلسفة مذهبهم - مذهب الحق - لتغيرت أفكارهم ونطرتهم إلى من حولهم وأحبوا الناس جميعاً لاسيما مَن هم مِن نفس سنخهم وانتمائهم وعلى أساس قول المعصوم (عليه السلام) في زيارة سيد الشهداء: [إني سلم لمن سالمكم، وعدو لمن عاداكم]، ولَتطبق هذا المبدأ قولاً وفعلاً.