د. حميد الطرفي ||
صراع الدينيين واللا دينيين قديم قدم خَلق الانسان وبينهما جدل كبير حول الخَلق والخالق والأخلاق ، وقد تشكل هذا الصراع بأشكال عدة ، جدل فكري ، نزاع مسلح ، تنافس سلطوي ، أزمات اجتماعية وغيرها .
في العراق منذ 1/10/2019 شُحِذت أقلام وجُنّدَت صفحات ومواقع ضخمة لتشجيع الإلحاد والتمر د على الدين ونبذ القيم والإساءة الى الرموز الدينية مستغلين بذلك بعض الإخفاقات السياسية والإدارية والأخلاقية للأحزاب ( الدينية) التي تشاركت في الحكم مع احزاب علمانية منذ عام 2003 وحتى اليوم ، فركب اولئك اللا دينيون موجات التظاهر والاحتجاج ، واستغلوا حاجات الناس وأوجاعهم لتحقيق غرض آخر في نفوسهم - وللأسف- ، راحوا يرددون هتافات فجة ( منريد واحد ملتحي ، نريد واحد يستحي ) ، ( ورطتنا المرجعية وانتخبنا السرسرية) وتمشدق بعض الناشطين بمطالبتهم بالمثلية علناً ، وتعديهم على القيم المجتمعية ، كل ذلك ظناً منهم ان ثورة الاتصالات وبعض التمويل ستمكنهم من عزل الشباب عن الدين فيتنكرون لقيمهم وتقاليدهم وسيتبعونهم في دعواتهم .
بعد عامين من هذه الحملة وكمراقب محايد اعتقد جازماً أن اللا دينيين اليوم يعانون من احباط كبير لأن نتائج حملتهم لا تتناسب تماماً وحجم ما انفقوه وجندوه ، فالمظاهر الدينية مازالت هي الابرز فليالي الجمع في كربلاء والمزارات المقدسة تقدر بمئات الالاف ، وزيارة العاشر من محرم والاربعين لا زالتا مليونيتين رغم ( كورونا ) وأكثر من ذلك ان الناس عموماً ونسبة جيدة من الشباب خصوصاً لازالت مرتبطة روحياً ومعنوياً بمرجعياتها الدينية في النجف الاشرف وفي غير النجف وكان آخر شاهد على ذلك هو التشييع المهيب لسماحة المرجع الفقيد السيد محمد سعيد الحكيم ، فرغم كون الراحل (قدس سره) لم يكن على رأس المرجعية العليا ورغم كونه كان دوماً يعمل بموازاة مرجعية السيد السيستاني ويستظل بظلها ، إلا أن الحضور الواسع لآلاف الشباب في التشييع ودون امر رسمي او تنسيق سياسي او امر جبري أو تنظيم حزبي أو تياري ، يدلل على أن هوية الشعب العراقي لاتزال هوية اسلامية وبامتياز وان كل ما بذل لحرفه عن هذه الهوية ذهب ويذهب هباءً وعلى المخططين - والكلام موجه الى اللادينيين حصراً - ان يبحثوا عن وسيلة اخرى ، فما غُرِس في قرون لا تغيره سنوات من الدعاية المغرضة والأساليب المجانبة للعقل والمنطق وما شيدته الدماء لا تهدمه الأماني والشهوات ولعل في ذلك عبرة لمن يعتبر .