سلام الطيار ||
الذاكرة تلك المفردة الخلابة والفاتنة (الذاكرة).. الأيقونة المتفردة التي نقاوم من خلالها الفناء، فالذاكرة في النهاية تساوي الحياة نفسها.
الحقيقة هي ان كل كتابة تمثل ذاكرة، حتى تلك الأعمال التي تتناول المستقبل، حيث يتوارى الحاضر، ويبدو الماضي بعيداً، ولكننا في النهاية ونحن نرسم سيناريوهات المقبل لا نستطيع التخفف من الذاكرة.
لا تقتصر الذاكرة على الماضي وحسب، ولكنها آنية، راهنة، متشوفة، أداة ضبط لسلام الفرد الداخلي وتصالحه مع ذاته، عندما يفقدها يتيه، وربما تتعرض حياته للخطر، الذاكرة وسيلة يدرك من خلالها المجتمع موقعه في العالم، وتساعده في توجيه بوصلته في المستقبل. ولمركزية الذاكرة وأهميتها الفائقة تتعرض للتوجيه والتزييف ومحاولات السرقة وربما المحو.
القوى والأحزاب والحركات السياسية كائنات معنوية بذاكرة جمعية..ذاكرة احتفت دوماً بالمقاومة والسير البطولية، ذاكرة لضمير الشعب الذي يرفض المهادنة أو المساومة..الذاكرة الجهادية لا تعرف التبرير أو الأعذار، ولا المناورات والصفقات التي تتم من تحت الطاولة، ولا تعترف بالهزائم والانكسارات والأمر الواقع..
ذاكرة القوى المجاهد ثقيلة دائماً لا تنسى حقها، أو من ظلمها يوماً.. ذاكرة تتنقل من جيل إلى آخر ومن لسان إلى أذن، ومن هنا ديمومتها وأهميتها، والسعي الدائم للهيمنة عليها ليس من خلال الكتب والإعلام، وطمسها أو تشويهها بوسائل الدعاية المعادية المختلفة.
إنها حرب مضادة بكل أبعادها، ويقينا ان الصراع كان دائما على الأفكار أو الرموز تاريخية، وهوأيضا كان صراعاً حول البشر.. حول الذاكرة.
الذاكرة السياسية التي يسعى المجلس الإسلامي ألعلى لتدوينها، لا تحيل إلى الماضي كما يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى، هي الحاضر دوما، أفق متحرر من الزمان بمفهومه الخطي، دورة متجددة بالحياة يعيشها الإنسان كما عناصر الطبيعة. الذاكرة تحفظ وجودنا الهش والخاطف من الفناء.
تختزن مسيرة المجلس الإسلامي ألاعلى من الذاكرة والتجارب السياسية والجهادية ما يمكن أن يشكل مخزونًا معرفيًا ومعلوماتيًا يمكن أن يمثّل أحد أكبر روافد الهوية الوطنية العراقية، على الرغم من قساوة تلك التجارب ومن الخيبات التي تعرضت لها والثغر التي وقعت بها في بعض جوانبها.
ــــ
https://telegram.me/buratha