عمر الناصر *||
لن نحتاج ان نخجل من واقع مؤلم اُدخلنا به عنوة رغم انوفنا لم يكترث له المتصدين للمشهد ولم يرف جفن المتصيدين في مياه ازماته التي لاتسر صديقاً ولاعدو لان اول من اعطى الحجة والذريعة لاستهداف الطوائف هم امراء الطوائف انفسهم الذين لم تكن لديهم اي قواعد شعبية تذكر قبل عام ٢٠٠٣ ، الانشقاق المجتمعي يُسمع دوي انفجاره عالياً اذا ما استهدف نسيجه المتماسك ويكون له صدى يسمع الاصم اذا ما استخدم المُلحن ريشة الفتن السياسية للعزف على وتر الطائفية ، فأحياناً بقدر وقع احرف اللغة العربية بقدر ماتكون لها دلالات مبطنة تتخللها التورية والتلاعب بالألفاظ فنجد تبديل اماكن احرفها يُغّير من المعنى بدهاء وخبث كبير ليكون له ابعاد واضحة المعنى يستطيع تمييزها المثقف الحذق لانها تدق اسفين الانشقاق والتشضي المجتمعي ليكون لقمة سائغة او طعم يسهل ابتلاعه من قبل ثعابين السياسة مثل محاولة التلاعب بالمعنى ما بين ( انا مدينة العلم وعالي بابها ) وبين ( انا مدينة العلم وعليُ بابها ).
لنكون موضوعيين ونتحدث بأنصاف ونقف على جزء من معانات الشيعة الذين ابتلعتهم بنوعين الافات واصبحوا تحت لونين من الابتلاءات الاولى سياسيهم الذين لم يكونوا مؤهلين لتحملهم المسؤولية وبين سلاطين ورؤساء لم يفهموا الية الوصول الى تفكير هؤلاء الناس من اجل محاولة ادراك حجم معاناتهم ، ولنسلط الضوء على حجم التضحيات التي اعطيت منهم ونسبة الفائدة التي وصلت اليهم ولنصنف سياسييهم حصراً دون غيرهم ونقارن بين نسبة الاهداف التي حققوها لجماهيرهم ونسبة الفائدة التي حصلوا عليها بذريعة وحجة المظلومية وحماية المذهب ، في وقت تعاني منه القاعدة الشعبية الشيعية من ويلات الافكار التكفيرية وانعدام الخدمات والفقر وسياسة الكراهية الممنهجة التي بدأت تتصاعد ضدهم ولنقف ونقول لماذا الشيعة اليوم هم مستهدفين علانية على الرغم من امتلاءهم بالوطنية وامتثالهم لها وهم بذات الوقت اكثر الخاسرين عند وقوع اي حرب بسبب تفانيهم في مهامهم الوطنية والشرعية والاخلاقية في مواجهة داعش وتضحية ابنائهم بأغلى مالديهم والجود بالنفس التي هي اسمى غاية الجودِ في وقت لم يكن لابناء الكثير من سياسييهم اي دور في من تلك التضحيات الا التقاط الصور التذكارية بملابس عسكرية مكوية واحذية لم يزورها غبار المعارك الذي من المفترض ان يكون دورهم وتضحياتهم اعلى بأضعاف من تضحيات طبقة البسطاء والمعدمين على اعتبار انهم سيدافعون اولاً عن امبراطوريات ابائهم المالية والسلطوية حتى لايضطروا لان يباعوا في سوق النخاسة في حال لاسامح الله لو تكمن التنظيم من بسط نفوذه على العراق.
في ذات الوقت هنالك ازدواجية واضحة في استهدافهم اذا امعنا النظر الى الجانب الاخر من الصورة فسنجد ان هناك الكثير من الطوائف الاخرى لهم شعائرهم وطقوسهم ومعتقداتهم المتوارثة التي لم تكن لها اي نصيب من هذه الهجمة سياسية كانت ام اعلامية كالصوفية والسلفية والممتنعة والشافعية والعلوية الخ ( نذكرهم هنا فقط لاجل المقارنة لا التحريض ) والتي دخلت لبعضها البدع و المغالاة بصورة متعمدة او غير متعمدة ، بل الكثير منها اصبحت تؤمن بالرموز الذين يعدون من عامة الناس وليس لهم قدسية او امتداد لال بيت النبوة وتقوم تلك الطوائف بتقديسهم لما لديهم من علوم دينية ومعرفية وكرامات يعتقد الناس او البسطاء بوجودها لديهم ، وبنفس الوقت لم يتعرضوا الى النقد الحاد او تسليط اضواء البروبوغاندا الاعلامية الصفراء عليهم وعلى سلبياتهم كما نرى اليوم من تركيز مبالغ به على الشيعة الاثني عشرية ؟
الجواب هو انه لا يوجد هنالك دول اقليمية وجهات سياسية وعوامل محلية تثير وتنمي وتدفع بهذا النفس الذي لايعتبر مصدر يمكن الاستفادة منه بسبب ضعف الثمار او النتائج المتحققة التي تستفيد منها تلك الجهات من اثارة النعرات الطائفية تجاه الذين ذكرتهم في اعلاه ، بالاضافة الى انه لايمكن المقارنة بين قوة العقيدة والذوبان بالانتماء لال البيت من الشيعة الاثني عشرية وبين بقية الطوائف الاخرى التي تجلهم وتقدسهم ولكن ليست بذات الطريقة .
ولو افترضنا بأن الشيعة لديهم غلو في حب اهل البيت وهي بأعتقادي نتيجة بديهية وطبيعية ليست مستهجنة فأن علينا ان نذكر ايضاً من في الجانب الاخر من هم مغرمين بالسيد احمد الرفاعي والشيخ عبد القادر الكيلاني لدى الصوفية او الشيخ ابو طاقة لدى الطائفة العلوية وغيرهم ولكن ماهو السر الذي يدور خلف الكواليس والذي يدعوا الى تكفير الشيعة والسعي لهدم مراقد أئمتهم او التعدي على حرماتهم ومقدساتهم بينما لم نرى ولو محاولة او حتى حديث او تثقيف لهدم مراقد الصالحين الموجودين في الجهة المقابلة ؟
يتبع …
*/ كاتب وباحث في الشان السياسي