مالك العظماوي ||
سادت في بلدنا هذه الأيام ظاهرة سيئة، هي ليست بالجديدة، وإنما نراها استفحلت في المجتمع وسرت سريان النار في الهشيم. فحينما يفتقر المرء إلى الحجة والبرهان نجده يلجأ إلى السب والشتم تارة وإلى البهتان وتزوير الحقائق تارة أخرى، او بإلصاق التهم بأبشع صورها، من دون ورع ولا خوف من حساب بين يدي الله العظيم عاجلاً أم آجلا.
فما أسباب بروز هذه الظاهرة؟ وكيفية معالجتها ومحوها من مجتمعنا الذي يدين بالولاء لآل البيت عليهم السلام. من المؤكد أن أهم سبب لاستفحالها في بلدنا، وفي مجتمعنا الموالي هو الإبتعاد عن الله تعالى وعن تعاليم الإسلام التي تنبذ هذه الظاهرة وتعدها ظاهرة سيئة، لأنها لا تستند إلى الوعي واستخدام العقل وإنما أساسها الانجرار وراء الأهواء والشهوات والميول الشخصية. وذكر الله سبحانه وتعالى هذه الظواهر المرضية في المجتمع وعالجها بقوله: [ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ]، وقال سبحانه: [ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ...] وهذا يعني أن نغض النظر عن كثير من الأمور. كما أمر سبحانه بالتحاور العلمي وبإثبات الحقائق بالأدلة لا بالادعاءات الفارغة والسفسطة والحذلقة لأجل الغَلَبَة لا لأجل إثبات الحقيقة، فقال: [... قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ] وقال عزَّ من قائل: [وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ]. فالأصل في الحوار والإقناع هو الدليل، وليس الإدعاءات الفارغة، والسب والشتم لغرض تسقيط الآخرين تارة وتقويل المرجعية بما لا تقول تارة أخرى.
وهذا لعمري هو سلاح العاجزين والجهلة والفاغة عقولهم، الذين لا يملكون سوى الشتائم والأصوات الناعقة بالباطل من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة التي تتطلب أن يتنازل الفرد عن حقوقه لأجل الصالح العام إذا تطلب الأمر ذلك. وتشتد هذه الظاهرة كلما اقترب موعد الإنتخابات لغرض تسقيط الخصوم السياسيين، وبطريقة بشعة تنم عن جهل صاحبها، مهما كانت صفته ومهما كان اتجاهه وعنوانه.
فالحقيقة التي يجب أن لا يتغافل عنها العقلاء هي أن الأسباب التي تقف وراء هذه الظاهرة أسباب سياسية وساعدت على نموها وتجذرت في مجتمعنا حتى باتت أمرا طبيعياً لا يستنكرها اغلب الناس سوى نسبة ضئيلة من علية القوم وعقلائها. فالإنسان المؤمن والموالي لأهل البيت عليهم السلام، إذا رام النقد نقد بأدب، وإذا سعى لتصحيح مسار المجتمع سعى لذلك بطرحه أهدافاً تخدم المجتمع، لتكون له منقبة وللمجتمع فيها صلاح، أهداف عقلائية تقنع العدو قبل الصديق، وترسم سمو أفكاره وعلو مكانته في نفوس الجميع.
لذا فعلينا أن نترفع ونسمو عن هذه الأساليب التي قد نكسب فيها أشياء كالحصول على أصوات الناخبين، أو نتبوأ معقداً هنا أو هناك، لكننا سنخسر رضا الله تعالى ويعم علينا سخطه، وعندها سنخسر الدنيا والآخرة عاجلاً أم آجلاً.
فالذي يخوض بالأمور السياسية عليه أن لا يبني مجده بتسقيط خصومه السياسيين، ولا من الكذب والبهتان وتزوير الحقائق، فسيكشف الشعب ألاعيبه، و سيخسر شعبيته وستعود أفعاله التي استهدف بها الآخرين حتى ولو بعد حين.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha