محمد كريم الخاقاني *||
لم يبقى من الزمن الإ أيام لإتمام الإستحقاق الإنتخابي في ١٠١٠٢٠٢١ الذي سيفرز حكومة جديدة، ومع إكمال الإستعدادات كافة للتحضير لتلك التظاهرة الشعبية وإختيار أعضاء مجلس النواب الذين سيحصلون على ثقة من إنتخبهم لمثل تلك المهمة، نجد بإن شعارات رُفعت في الحملات الإنتخابية مثل " الإزاحة الجيلية" التي ربما كانت شعاراً ملتبساً نوعاً ما للبعض، فالمضمون الذي يأتي به الشعار لا يتطابق مع ما تدعيه بعض الفئات المرشحة، فهي تسعى بكل ما اوتيت من قوة لإزاحة الجانب الآخر من الطبقة السياسية التي كان لها النصيب الاكبر في تسيير شؤون البلد منذ عام ٢٠٠٣، وهنا يطرح التساؤل الأبرز، هل تمتلك تلك القوى الداعية الى إزاحة الرعيل الاول من السياسيين من القدرات والإمكانات ما يؤهلها للقيادة في المرحلة القادمة؟.حقيقة لست هنا بمعرض الإنتقاد لتلك الدعوات، بل متابعاً لواقع وخبرة تلك المجموعات التي ربما لا يعرف الكثير منا برامجها الإنتخابية ومدى جدواها وما ستحققه من مشاريع وما ستقدمه من طروحات واقعية لمعالجة المشاكل المستدامة في البلد ومحاولة الخروج بنتائج حقيقية ملموسة وتوضع موضع التطبيق العملي فضلاً عن الرؤئ والأفكار التي تخدم الدولة وتنفيذ أهدافها وتنمية علاقاتها. ان شعارات الرغبة في إزاحة الطبقة السياسية برمتها كما تدّعيه بعض تلك القوى التي ظهرت للساحة السياسية بعد تشرين الأول ٢٠١٩ قد يكون متوافقاً مع طبيعة المرحلة التي عاشها الشعب حينها، وربما عمل البعض منهم على إستثمارها لتكون حقيقة واقعة، ولكن بالرجوع الى التجارب السابقة لبقية الدول، نجد بإن ما يحاول البعض تحقيقه في الإنتخابات وفي غيرها ربما يتطلب تفاهمات وتوافقات من أجل الخروج بنتائج مرضية على الأقل لمن يطالب بأصلاح الاوضاع وليس كما يريده الأخرون بإزاحة الكل والبدء من الصفر كما يُقال، فإذا اراد هؤلاء إستثمار الدروس من تجارب الطبقة السياسية التي حكمت البلد منذ التغيير، فعليها الإستفادة اولاً من الأخطاء التي حصلت والإنتباه الى عدم تكرارها وتجاوز العراقيل التي تحوول دون الأخذ بمسببات النجاح في مشاريعهم المستقبلية من أجل خدمة الشعب، لا ان يعمدوا الى الجهر بشعارات الإزاحة الكلية لكل من ساهم في العملية السياسية، لإننا في ذلك نرى العودة الى المربع الأول، وربما تأتي مرحلة اخرى تطالب بما تقوم بها حالياً، ومن الأفضل ان يكون هناك برامج تدريب وتكامل لتسليم الراية من فئة الى أخرى وفقاً لحركة الزمن، والإستفادة الحقيقية من الخبرات والتجارب السابقة وليس كما يتصوره البعض من إزاحة الجميع بحجة الفشل في تحقيق الأهداف. ان الحكمة تتطلب ان يكون شعار القوى السياسية الواعدة هو الدخول في المعترك السياسي عبر الوصول إلى مجلس النواب من خلال تطبيق طروحات التكامل مع ما سبق وليس بإزاحته كلياً، إذ لا يوجد في القاموس السياسي مصطلح إزاحة بمعناه الإقصائي الكامل، بل من المفترض ان يكون تكامل بين الأجيال وتسليم المهام لجيل يؤمن بمبادئ العمل الديمقراطي وصولاً لتحقيق الغايات الأسمى.
اكاديمي وباحث في الشأن السياسي .