سرى العبيدي ||
على الرغم من كثرة الحديث عن عمل أجهزة الدولة المختلفة، بأتجاه القضاء على الفساد، وعلى الرغم من تعدد هذه الأجهزة، وتوفر الأرضية القانونية المناسبة لعملها، وعلى الرغم من توفر أمكانات ممتازة تحت يدها، للنهوض بمهمتها التي يصح أن توصف بأنها مهمة وطنية كبرى، تحظى بدعم شعبي لا محدود، فإن مهمتها في مقارعة الفساد تبدو صعبة جدا.
ليس فقط بسبب عدم توفر النيات للنهوض بهذه المهمة، وهو واقع لا يمكن أنكاره، لأن الفساد قد ضرب جذوره حتى في أجهزة مقارعته!
لكن بسبب بنية الفساد ذاته، والفساد الذي نعنيه هو فساد سياسي قبل أن يتخذ أشكاله الأخرى، التي تناسلت عنه في أغلب الأحيان!.
أذا تخيلنا أن الفساد السياسي كيف نفسه، متخذا شكل مثلث متساوي ألأضلاع، أمكننا فهم لماذا قد أحكم الفساد وضعه، وأغلق كل الفراغات، التي يمكن أن تنفذ منها النيات الطيبة للقضاء عليه، وبات الفساد في حكم العصي المستمكن، الذي لا يسع لشعب مثخن بالجراح، كشعبنا الذي وقع داخل أنشوطة الفساد الخروج منه.
ذلك قد حصل؛ بسبب أن هذه الأضلاع متصلة مع بعضها، وتشكل مساحة متكاملة قوية، لا يمكن الخروج منها بالأدوات والأمكانات الأعتيادية، ويتعين البحث عن وسائل فوق أعتيادية للخلاص!..
تتمثل أضلاع الفساد السياسى الثلاثة، في الفساد العضوى الكامن فى تهريء أجهزة الحكم والإدارة، وسوء سيرة القائمين بالعمل السياسى والإدارى.
وفي الفساد الأخلاقى، الذي يعنى فقدان النزاهة والأمانة، بحيث تغيب مفاهيم الولاء للوطن والدولة وابتغاء الصالح العام، فيعم التهافت على تحقيق المصالح الخاصة والمنافع الشخصية، بالتجاوز عن القيم المدنية والمسؤولية الاجتماعية.
وأخيرا الفساد القانونى، المتمظهر فى فعل ما يعد إخلالا جسيما لواجبات المنصب السياسى الوظيفية.
يشمل الفساد القانونى ، بمقتضى البداهة المنطقية، الإخلال بأحكام الدستور الذى يعد الوثيقة الرئيسية، التى توض معالم النظام السياسى والاقتصادى والاجتماعى فى الدولة، وأحكام الدستور بهذه المثابة، أحكام ينبغى أن ينحنى لها الجميع حكاما ومحكومين...وهو مع الأسف الشديد الأمر الذي لم يفعله الجميع بعد، بل تمادوا في تجاهل الدستور وحولوه الى هلام يتشكل وفقا للحيز الذي يريدون له أن يشغله!
إن الوسيلة الغير أعتيادية التي يمكننا أستخدامها في الأنتصار في معركتنا مع الفساد السياسي ، تتمثل فقط في كسر الضلع الثالث، بأحترام الدستور لأنه أرادة شعب على الساسة أحترامه وأحترام أرادته...
من يأبى اليوم قبول النصيحة التي ل اتكلفه شيئا فسوف يضطر في الغد إلى شراء الأسف بأغلى سعر..
https://telegram.me/buratha