مازن البعيجي ||
من يتابع ما صدر عن المصطفى "صلى الله عليه و آله وسلم" بشأن الحسين "عليه السلام" سوف يعرف أن ثمة تركيز استثنائي على شخصية الحسين، ومحاولة لفت أنظار الأمة الحاضرة أو التي سوف تأتي إلى ما يعنيه الحسين "عليه السلام" على مستوى شخصه المبارك أو على مستوى ما سوف يجري له ويتصدى له، بل حاول المصطفى "صلى الله عليه و آله وسلم" لفت أنظار القاصي والداني لشأنه وما يعني الحسين للنبي بصورة قصدية ليس محركها الرئيسي العاطفة، بل المحرك تلك المهمة الأحيائية التي سوف يكون ثمنها دمه الشريف ونوع قلته المفجع والمروع.
عن سلمان المحمدي قال: دخلت على النبي وإذا الحسين على فخذه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ويقول: إنك سيد ابن سيد أخو سيد أبو سادة، إنك إمام ابن إمام، أخو إمام أبو أئمة، إنك حجة ابن حجة، أخو حجة أبو حجج تسع من صلبك، تاسعهم قائمهم"
*مقتل الحسين للخوارزمي ص146 ـ ينابيع المودة ج2 ص44
والمسلم العاقل عليه تتبع هذه الخارطة المعصومة في تقديس الحسين عليه السلام، واستلهام ما كان يريده ويقصده الرسول المعصوم والمسدد، ولعلنا نحن أتباع أهل البيت "عليهم السلام" كان لنا الحظ الأوفر في التعلق بالحسين ولو من ناحية العاطفة عند البعض كان لنا السبق، ولكن يقينا لا يقف الأمر عند العاطفة فقط، بل يتعدى الى إحياء الأرواح والبشرية ويبث بها نفس النبوة والإمامة حتى يخلص النفوس من شراك الذنوب على مستويات كثيرة وعظيمة خطرة في أبعادها على كل صعيد يصبح طريق وصال بين المكلف وخالقه ،حتى تتكون بالحسين نواة مجتمع الحضارة الاسلامية لتفسح الفرصة الى القيادة المعصومة بعد غيابه المعلل والعقلائي
عن ابن عباس، قال:
لمَّا اشتدَّ برسول الله "صلى الله عليه وآله" مرضه الذي توفِّي فيه، ضمَّ الحسين "عليه السلام"، ويُسيل من عرقه عليه، وهو يجود بنفسه ويقول:
"مَا لي وَلِيَزيد، لا بَارَكَ اللهُ فِيه، اللَّهُمَّ العَنْ يزيد".
ثم غُشي عليه "صلى الله عليه وآله" طويلاً.
ثم أفاقَ، وجعل يقبِّل الحسين "عليه السلام" وعيناه تذرفان ويقول:
"أما إن لي ولقاتلك مقامًا بين يدي الله عزَّ وجلَّ".
وأخيراً:
ندرك كيف كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يهيِّئ ولده الحسين "عليه السلام" لدور رسالي فريد، ويوحي به ويؤكِّده، ليحفظ له رسالته من الانحراف والضياع.
ولذا نجد أن سيرة الإمام الحسين "عليه السلام"هي من أبرز مصاديق وحدة الهدف في تحقيق وحفظ مصلحة الإسلام العُليا ، والتي اتَّسمت بها أدوار أهل البيت "عليهم السلام"على رغم تنوِّعها في الطريقة وتباينها الظاهري في المواقف ، إلا أنها في المضمون سارت على نحو ماصار عليه الرسول الخاتم وكما عبر عنها الشهيد محمد باقر الصدر
بأن أهل البيت( وحدة هدف وتنوع أدوار )
البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..