محمد كريم الخاقاني *||
يجري الحديث مؤخراً في الأوساط السياسية الإيرانية عن بدء المفاوضات بشأن الملف النووي من جديد مع مجموعة الدول الموقعة للإتفاق المعروف ٥+١ وهي الدول الكبرى فضلا عن المانيا، وربما يكون الحديث هنا عن رؤية مختلفة كلياً عما كان في السابق في حكومة الرئيس الإيراني السابق الشيخ حسن روحاني، إذ لم تسفر الجولات التفاوضية التي جرت بين الطرفين عن اي جديد بشأن العمل على إستئناف المفاوضات الرسمية وهو ما يعطي مؤشراَ على عدم قبولهما بأي نتيجة تخدم مصالحهما لتعارض اهداف كل منهما، ومن ثم تعقيد بنوعية القضايا المطروحة للتفاوض.
ولم يكن إنسحاب الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة دونالد ترامب عام ٢٠١٨ وفرض العقوبات الإقتصادية على إيران من طرف واحد دون رغبة بقية المجموعة الدولية إلا دليلاً للقيادة الإيرانية على عدم جدية إدارة ترامب بالتوصل لنتيجة مرضية تخدم مصالح الطرفين، ومن ثم ترى الحكومة الإيرانية بأن الولايات المتحدة الأمريكية ليس لديها النية للعودة الى الإتفاق الخماسي، ولهذا فرضت شرطها بالعودة للجلوس مرة أخرى لطاولة المفاوضات برفع العقوبات الأمريكية عليها وبذلك هي تختبر النية الأمريكية وصدقها وتطبيق إلتزاماتها.
وعلى الرغم من محاولات تحسين الأوضاع الإقتصادية المتأثرة بالعقوبات الامريكية، جاءت سياسات إيران على المستوى الداخلي بتحييد آثار العقوبات وتعظيم الموارد الداخلية لمواجهة الحصار الإقتصادي الأمريكي ليكون الإقتصاد الإيراني بمستوى الحدث وعدم ربطه بنتائج الإتفاق النووي الخماسي، ولم تسفر اي من الجهود التي بذلتها إيران على المستوى الدولي من فك التجميد عن مبالغ مالية تقدر ١٠٠ مليار دولار من الإحتياطيات النقد المجمدة والتعامل بشكل اصولي مع النظام المصرفي الدولي. وكانت إيران قد اجرت إنتخابات رئاسية اسفرت عن إنتخاب الرئيس إبراهيم رئيسي ليخلف الشيخ حسن روحاني، وهو من المحافظين الأصوليين الذين ينظرون للولايات المتحدة الأمريكية نظرة الشك بنواياها تجاه ملفها النووي. وعلى الرغم من إتباع سياسة الضغط القصوى الأمريكية على إيران لإجبارها عن التراجع عن طموحاتها النووية، فإننا نرى بإن الإستهداف المتكرر للمنشأت النووية الإيرانية وإغتيال الشخصيات البارزة في تطوير البرنامج النووي الإيراني لم يسفر عن تراجع بل تقدم بشأن تطوير برنامجها النووي، فواصلت جهودها بخصوص تخصيب اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزية.
وتنوعت الخيارات الإيرانية بالتعامل مع مسألة العقوبات الأمريكية وذلك عبر تنويع شراكاتها الإقتصادية مع دول لها خلافات مباشرة معها ونقصد هنا الصين، إذ ابرمت اتفاقاَ لمدة ٢٥ سنة قادمة، وزادت الصادرات النفطية، وتعد الصين من الوجهات المفضلة لتصدير شحنات النفط الإيرانية.
ونرى بأن الفريق التفاوضي الإيراني يتجه لبدء المفاوضات في حال توافرت النية لدي الطرف الامريكي والعودة للمفاوضات الجدية والمتمثلة برفع كامل للعقوبات المفروضة من قبلها من جانب واحد.
* اكاديمي وباحث في الشأن السياسي
https://telegram.me/buratha