عباس زينل ||
لا شك بأن جميع العراقيين لا يختلفون على فساد الطبقة السياسية ، الشيعية منها قبل السنية والكردية ، ولا نختلف أيضا على ان المناطق الشيعية أقل إعماراً ، وبنسبة كبيرة من المحافظات الشمالية والغربية ، والفساد يسود المجتمع العراقي وبشكل كبير ، والبطالة طاغية بشكل كبير ، وازدياد الفساد الاخلاقي والعائلي وانتشار ثقافة الانتحار بين الشباب لأي سبب كان.
وبسبب البطالة أيضا زادت حالات الطلاق في المحاكم ، فلذا كل الأمور التي ذكرناها أعلاه ؛ النسبة الأكبر منها تعود إلى الإهمال الحكومي والتقصير الكبير من الأحزاب ، فجميع هذه الامور تراكمت لدى المواطن ، ولا ننسى أيضا عدم وجود التعيين الوظيفي لطلبة الجامعات ، فهذه التراكمات استغلتها أمريكا ؛ لتفجير الشارع العراقي في وجه الطبقة الحاكمة.
وكان الضحية الأكبر هو السيد عادل عبدالمهدي ؛ بسبب جديته في تغيير هذا الواقع المزري الذي ذكرناه ، وانتشال العراق من الفساد المالي ، وسحب البساط من تحت الأحزاب الفاسدة وسيطرتهم على الكثير من الموارد.
وبما أن هذه الاجواء المليئة بالفساد والضياع والتدهور ، في جميع الأمور من مصلحة أمريكا للاستيلاء على الاقتصاد العراقي ؛ ولذا كان عليها التحرك بشكل سريع ؛للإيقاع بعادل عبدالمهدي ، ولذلك قد استغلت بعض الامور المهمة الحساسة للوصول على أهدافها ، من ضمن هذه الامور ؛ نقل الفريق عبدالوهاب الساعدي من رئاسة جهاز مكافحة الارهاب إلى إمرة الدفاع ، وكذلك التعرض لطلبة الماجستير المحتجين أمام مكتب رئاسة الوزراء في ذلك الوقت .
أمريكا أستغلت هذه المظاهرات في امور أخرى كبيرة ايضا ، مثل استهداف التقاليد العراقية الأصيلة ، والدين والعمامة المتمثلة بالمرجعية الدينية ؛ لوقوفها الواضح أمام مخططاتها وتحريضاتها ، سواء من خلال برامج تلفزيونية تحت عنوان ساخر ، او فتح دورات إعلامية داخل السفارة الأمريكية ، فمن خلال هذه المجموعات تم استقطاب الكثير من الشباب ، ولا سيما الذين يبحثون عن حضن لاحتوائهم ، وذلك بوجود عامل البطالة والحرمان والفساد ، ولكن الأمر الأخطر من هذه جميعاً ؛ هو السيطرة على عقل الشاب ، وتغييره وتسييره بما تهوى أمريكا .
فعندما كان معيار الشاب الجنوبي للحق هو ، من يسير في طريق محمد واله ، والملتزم بصلواته وصيامه وقيامه ، وحضوره لمجالس عزاء الحسين ، الآن أصبح معياره هو الشاب الذي لا يعترف بالدين والعمامة والتقاليد ، ويرى نفسه لا ينتمي للمجتمع هذا ، والإساءة لديه قضية بسيطة ك شرب الماء، فكما ذكرنا في المقدمة بأننا لا نختلف على فساد الطبقة السياسية ، ولكن المطالبة بالحقوق والقضاء على الفساد كيف يكون ، وبأي طريقة وهنا المغزى .
فهؤلاء الشباب بين ليلة وضحاها ، أصبحوا لا يعترفون بالرموز الدينية ، وتنازلوا عن الكثير من القيم مجرد لفساد الطبقة الحاكمة، فمثلاً نحن لا نختلف بأن صفاء السراي الذي قتل في ساحات الاحتجاج ، بالرغم من كونه شخص لا يعترف بالرموز الدينية ، ويسيء للدين والعمامة وشارباً للخمر ، مع كل هذا نراه أنبل من كثير من سياسيي الصدفة ، والسياسي الذي يتخذ الدين ستراً وعباءة لفساده ، إذا نحن لا نختلف في الجزيئات مع المتظاهرين ، فمجرد الخروج ضد الفساد هو امر شجاع ونبيا بحد ذاته .
ولكن إختلافنا في تصدير الإعلام التابع لامريكا أمثال صفاء ك رمزاً وطنياً !، بل الكثيرين اصبحوا يحسبونه من أصحاب الحسين !، مع لو انه كان حياً حاضراً لما قبل بهذا التشبيه ، كونه لا يؤمن بهذه الأمور مثلما ذكرنا ، إذا انت الذي اتخذت صفاء رمزاً تناقض نفسك ، وتناقض ما كان يدعيه صفاء في حياته.
فلذا علينا ان نميز بين المطالبة بالحقوق ، وبين تغيير المسار الحقيقي والخروج عن الهداية وعن ما اتوا به محمد واله ، وكما يجب الالتزام بالإرث الديني والحضاري لدينا ، وبالتقاليد الاسلامية والعشائرية الأصيلة ، وحفظهم من الدخلاء ومن الخطر الذي قد يمسهم إن استمر الوضع هكذا.
والسلام على من عرف من له ومن عليه وكان الحياد مكروهًا.
https://telegram.me/buratha