مهند حسين ||
بعد 18 عاماً من تدميره من قبل القوات الأميركية، مسرح الرشيد يرى النور من جديد في بغداد، هذا المسرح العملاق الذي يعود بناءه الى ثمانينات القرن الماضي، والذي يتكون من تسعة طوابق وصالة عرض تتسع لحوالى 700 شخص، والذي تم قصفه من قبل القوات الاميركية المحتلة إبان دخولها العراق عام 2003 بحجة استهداف شخصيات مطلوبة ظناً إنها قد تكون مختبأة في هذا المسرح.
إن عودة بناء هذا المسرح تكفلت بها وزارة الثقافة والسياحة والآثار من خلال دائرة السينما والمسرح وبعض الشركات والمؤسسات العراقية، ولا نستغرب عندما نعلم إن أميركا التي تدعي الحرية والديمقراطية والأهتمام بالثقافة والفنون لم تشترك في عودة هذا الصرح الفني الكبير لا مادياً ولاحتى معنوياً، لأن عودة هكذا معلم ثقافي عراقي ليس من أولوياتها بل حتى إنه ليس من أهداف وجودها.
واذا ما تحدثنا عن تاريخ هذا المسرح فإننا نجده واحداً من الصروح الفنية و الثقافية المهمة في بغداد، فقد شهد عشرات العروض المسرحية، سواء المحلية منها التي قدمتها الفرقة القومية للتمثيل العراقية، أو العروض العربية التي قدمت في الثمانينات والتسعينات عبر مهرجانات المسرح العربي، ووقف على خشبته كبار الفنانين العرب من مصر وتونس وسوريا ولبنان ؛ أمثال الفنان فريد شوقي وحسين فهمي ونور الشريف ومحسنة توفيق، والطيب الصديقي، كما ضيّف المسرح المخرج العربي الكبير يوسف شاهين وعرضت فيه أهم أعماله، مثل فيلم (إسكندرية ليه)، وفي إحدى الزيارات الفنية للوفود العربية المشاركة في مهرجان المسرح العربي في بغداد، كان الفنان المصري نور الشريف ضمن اعضاء الوفد المصري، وحين زارَ الوفد مسرح الرشيد، وقف الجميع وقد أصابهم الذهول لما رأوه من تحفة فنية معمارية عراقية، حينها انبرى الفنان نور الشريف قائلاً : (في ستينات القرن الماضي كانت السينما المصرية توازي السينما الأميركية من حيث الإنتاج والتقنيات، لكن تجدد التقنية لدى الجانب الأميركي جعل لها قدم السبق على السينما المصرية، ولو كنا نمتلك صرحاً فنياً مثل مسرح الرشيد ومايحتويه من استوديوهات متخصصة، أقولها وبكل ثقة، لتفوقنا على السينما الأميركية بأشواط عدة) ولم يكن يدر في خلد الفنان الراحل نور الشريف والفنانين العرب أن تلك التحفة الفنية ستؤول الى خراب على يد القوات الأميركية المحتلة.
واليوم وبعد كل تلك السنين والتحديات التي مرت بالعراق، يعود هذا المسرح بحلته الجديدة مع أنطلاق فعاليات مهرجان بغداد الدولي للمسرح والذي تشارك فيه دول عربية وأوروبية مثل تونس ومصر وسوريا والأردن وسلطنة عمان وايطاليا، حيث سيتم تقديم أكثر من 15 عملاً مسرحياً، ومن المفرح أن نجد شعار الحشد الشعبي الذي يتوسط الشعارات المشاركة في إنجاح هذا الكرنفال الفني العراقي الكبير.