تبارك الراضي ||
كان الإنسحاب السريع من أفغانستان ، ومن دون التشاور الكافي مع الحلفاء في الناتو ، وفي وضع بدى وكأن الولايات المتحدة تسير برؤى وإرادات شخصية ، أكثر من كونها تلك القوى العظمى المؤسساتية ، التي تبني إستراتيجيتها على أساس دراسات مؤسسات الفكر الرائدة ، مدعاة لتوقعات البعض بانسحاب مماثل الولايات المتحدة الأمريكية من العراق ، خصوصاً بعد السلاسة التي أبداها بايدن اتجاه طلب الحكومة العراقية من واشنطن جدولة انسحابها .
صحيح أن الولايات المتحدة حولت تواجدها العسكري الأقوى ، إلى منطقة المحيط الهادي والهندي لاحتواء وكبح النفوذ الصيني المتنامي ، ومنع بكين من الاستحواذ على بحر الصين الجنوبي ، وهو ما استدعى الانسحاب من أفغانستان ، لكن الانسحاب من الأخيرة انطوى على تحقيق هدف مهم لواشنطن ، يتمثل بزعزعة استقرار طهران ، والتهديد الدائم لأمنها القومي ، بتسليم السلطة لطالبان .
على خلاف ذلك ، فأن الانسحاب الأمريكي من العراق ، يعني تقديم شيك على بياض لطهران ، التي تقف في وجه مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، وتهدد جيبها المزروع في خاصرته ، وتشوش استشرافه للمستقبل ، وهو ما يتعارض مع مهمة الولايات المتحدة الأمريكية ، بوصفها المعنية بأمن إسرائيل .
يأتي في المرتبة الثانية ، ارتدادات الانسحاب الأمريكي على الداخل العراقي ، حيث ستتوثق العلاقات الإيرانية العراقية ، مع التداخل الثقافي والديني والمذهبي من جهة ، وبراعة السياسة الإيرانية في بالاحتفاظ بعلاقات رطبة مع جميع الفرقاء من جهة أخرى ، ما يعني عملية سياسية على خلاف الهوى الأمريكي .
هذا التوجه تدعمه جهود الولايات المتحدة ، للدفع بحلفائها في المنطقة لتطبيع علاقاتهم مع بشار الأسد ، من أجل تقليل حاجته لطهران واحتوائها .
ومع وجود قرار برلماني بخروج القوت الأجنبية ، دعمه أعلان الناطق الرسمي للقوات المسلحة العراقية يحيى رسول ، حاجة العراق إلى قوات استشارية وتدريبية فقط ، ولم يعد بحاجة إلى قوات أجنبية مقاتلة على أراضيه ، لأن القوات العراقية قادرة على صد أي تعرض أو هجوم محتمل ، ما فرض على الولايات المتحدة التكيف ، فلجأت لوضع تكتيك جديد سيتمثل بتغيير مسمى قواتها من قوات مقاتلة إلى تدريبية ، والإعلان عن انسحاب 2500 جندي وهو ما معلن عنه فقط .
https://telegram.me/buratha