المقالات

حفلات الطلاق..!


 

 محمد مكي آل عيسى ||

 

ظاهرة جديدة بدأت تطرق أبواب مجتمعنا الذي عاد ساحة لتطبيق كل يمليه الإعلام وكل ما يخطر على البال . . لا أدري كيف بدأت هذه الحفلات وما هو منشؤها ومتى !

لكنها على أية حال حفلة تقيمها الزوجة الّتي تحصل على طلاقها وتدعو فيها الصديقات والقريبات ولا تخلو هذا الحفلة من قالب الكعك (الكيكة) الذي يشبه كعك الميلاد أو العرس لكنه يمتاز بالزينة الخاصّة الّتي تحكي عن موضوع الطلاق كأن تكون صورة لابتعاد رجل عن امرأة أو دمى صغيرة تركل فيها المرأة الرجل ، وغيرها.

وتسود حفلات الطلاق أجواء الفرحة والسرور وتوزّع فيها الحلويات ولا تخلو من تشغيل الأغاني وانخراط الجميع بالطرب على أنغامها لاسيما صاحبة الدعوة الّتي تبدو عليها الفرحة الغامرة.

ولا تقيم جميع النساء المطلقات حفلات الطلاق بعد طلاقهن وإنما تقيم هذه الحفلات النسوة اللاتي رغبن هن بأنفسهن بالطلاق وربما كانت لديهم معاناة كبيرة حتى يحصلن عليه.

فالمرأة الّتي لا ترغب بالطلاق لن تقيم حفلة سرور وطرب بمناسبة طلاقها بل تكون مكدّرة حزينة إذا فقدت زوجها أو أسرتها أو أطفالها.

نعم فالمرأة الّتي تعاني الظلم من زوجها ولا تستطيع البقاء معه بسبب هذا الظلم يكون الطلاق خيارها الأمثل للتحرر من قبضة الزوج الذي ظلمها والعكس صحيح فالزوج الذي يرى أنه لا يستطيع أن يكمل حياته مع زوجته أبداً فالحل هو الطلاق .

وواضحة هي الحكمة الإلهية من تشريع الطلاق . . فلا يمكن أن تبنى أسرة ولا يمكن أن يتربى الأبناء عند وجود خلل بين الأم والأب فكان الطلاق باب رحمة لوضع نهاية لبناء أعوج ينعكس على المجتمع بآثاره السيئة.

فمن يقوم ببناء بيت ثم يكتشف أن هناك خللاً كبيراً في أساساته لن يستعجل فيهدم هذا البيت بسهولة . . سيحاول أن يجد أي حل ينقذ البناء قبل أن يفكر بالهدم وسيبذل كل جهده ليستنقذ بناءه فيستشير هذا المهندس ويستعين بتلك الشركة ويسأل ذاك الخبير حتى يأخذه اليأس من عدم وجود حل فيضطر مرغماً متألماً لهدم البناء.

وهكذا يتعامل الإسلام مع الموقف فالزواج أحب بناء لله تعالى فعن رسول الله ص: ما بنى بناء في الاسلام أحب إلى الله من التزويج.

أمّا إذا كان هذا البناء فيه مشكلة ولا بد من هدمه فالطلاق هو الحل الأمثل لإنهائه بعد أن تنقطع جميع السبل لإيجاد حل صحيح لتقويم هذا البناء لكن يبقى الطلاق مبغوضاً عنده تعالى فإنه آخر الدواء وفي رواية عن الرسول الأعظم (ص) أنه قال: " ما من شيء أبغض إلى الله عز وجل من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة، يعني الطلاق " .

وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (ع): " ما من شيء مما أحله الله أبغض إليه من الطلاق".

وفي آخر عن الرسول (ص): " تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز منه العرش ".

وإذا كان الطلاق مبغوضاً عنده تعالى بهذا الشكل وهذا التأكيد فهل من الأدب أن تقام حفلات للطلاق ؟! . . سرور بأمر يكرهه الله جلّ وعلا ؟!

والذي أراه هو أن هذه الحفلات والسرور ليس لأن المرأة قد تخلّصت من قيد زوجها فحسب بل هناك أمور أخرى منها أن الزوجة لا تحب أن ترى نفسها منكسرة وكأنها فقدت كل حياتها بفراق زوجها فتعلن الفرحة والسرور للتغطية على ذاك الانكسار أو الحزن لتبقى بالنفسية القوية غير المكترثة بالأمر.

ومنها أن هذه الحفلة إخراس لصوت المجتمع الظالم الذي لا يرى المطلّقة إلّا بعين النقص ، تحتفل لترضي نفسها بأنها في فرح غامر وسرور ولن يؤثر عليها صوت المجتمع ونظرته المتعسفة تجاهها.

أو ربما تشخيصها للحرية المغلوطة التي تظن بعض النساء أن الحصول عليها يكون بانفصام عرى الزوجية !!

وعلى كل ما فرضنا فنحن بحاجة للمزيد من الوعي للتصدي للتجهيل الذي يصدّر إلينا من خلال الحرب التضليلية التي تهدف لمسخ مجتمعاتنا والذهاب بقيمها ومبادئها وفرض ثقافة هجينة عليه تعارض جميع المثل والأخلاق والتي تحفز المرأة على أن تكسّر قيودها بذريعة الحرية فتغفل المسكينة أن تلك الّتي تعتبرها قيوداً هي التي كانت تحملها من أن تقع في بحر الرذيلة أو بالأقل خسارة بيتها وأسرتها.

كما أننا بحاجة للوعي الداخلي . . بحاجة للنهوض بالمجتمع مما تطبّع عليه وتمسّك به من اعتبار سيّء للمرأة المطلّقة والّتي كثيراً ما لا تكون هي السبب الأساسي في الطلاق.

نحن بحاجة لمنظمات تتخصص بنشر هذا الوعي وتكون رسالتها إيقاظ المجتمع للتصدي لظواهر اجتماعية قد يكون ضررها أكبر من حالات الفقر والمرض التي يوليها الجميع الأهمية.

نحن بحاجة لمعرفة ما يحبه الله وما يكرهه لكي لا نحتفل لأمر هو يكرهه ففي ذلك استهانة بالشريعة المقدسة وطعن في الدين .

 ومن يجرؤ أن يكون خصماً قبالة رب العالمين ؟!

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك