عمر الناصر *||
نظرت إلي نظرة فاحصة وانا أتحدث أمام المنزل مع احد الأصدقاء ، كان وقت خروج جارتي السويدية التي احتفلت بعيد ميلادها التسعين والتي مازالت تمارس ركوب الدراجة الهوائية كل صباح او رياضة المشي ، تريثت وتركت دراجتها واتجهت لتبدأ بتنظيف اوراق الخريف المتساقطة أمام منزلها وهي تنظر الى ساعتها فتارة تبدأ بسقي الازهار وتارة أخرى تنظر الينا وعيناها تتقافز على سيارة صديقي الذي تركها تشتغل لمدة اكثر من عشرة دقائق من السوالف الشبابية وهي في كل مرة المحها تنظر إلى ساعتها وتراقب بحذر حينها تركت المقص ونفضت يديها من اتربة المزروعات وأخذت نفساً عميقاً وأنا مستمر بإستراق النظر.
بخطوات هادئة وواثقة تحمل عيناها عتاب واحساس عالي بالمسؤولية تقدمت وألقت علينا تحية الصباح ولكن هذه المرة كانت النبرة مختلفة عن تلك التي تعودت ان اسمعها ممزوجة بأبتسامة نقية كل صباح كل يوم ، فقالت : گود مورگون وتعني صبحكم الله بالخير … وادارت وجهها إلى صديقي وهو سويدي اشقر ازرق العينين يشبه مهند من عشيرة البو اندرشون فقالت له : كما تعلم اننا نتنفس بيئة هواءها نسبة الاوكسجين فيه عالية ونسبة التلوث فيها صفر بالمئة ، المدة الفعلية التي يسمح بها القانون للسائق بأن يترك محرك سيارته يدور ليست اكثر من عشرة دقائق ولا يحاسبه عليها المجتمع والقانون فأذا زادت المدة فيجب عليه ان يقوم بأطفاء المحرك انذاك .!!!
ابتسم امامها وبدأ يتلعثم في الإجابة..واجاب .. اللعنة .. لم اكن اعلم أنني احمق لهذه الدرجة !!
فقالت له أطفئ المحرك لأننا لا نريد ان نخسر بيئتنا كما خسرتها بعض الدول وغادرت دون ان تسمعه مزيداً من التأنيب ..!؟
سالفتنا هل سيكون لدينا مثل هذا الشعور العالي بالمسؤولية تجاه الحقوق العامة كما فعلت هذه العجوز السويدية !؟
انتهى …
*/ كاتب وباحث سياسي