نعيم الهاشمي الخفاجي ||
طبيعة الدول الغربية وبغض النظر عن شعارات الديمقراطية والحرية، يعملون على خدمة شعوبهم من خلال الحكم الديمقراطي وتوفير أفضل سبل العيش والرخاء، ويحاربون الظلم في بلدانهم فقط، ولا يتحرجون في دعم أنظمة دكتاتورية تحكم وفق مبدأ الملك وعائلته ولا قيمة للشعب بعقليات بدوية متخلفة لاتصلح في زماننا هذا، المهم عندهم وجود أنظمة قمعية بالدول العربية والإسلامية تخدم مصالح الغرب بالدرجة الأولى.
لننظر لقضية تسليم أفغانستان إلى نظام طالبان الوهابي المتطرف المتخلف، بل بايدن قال ذهبنا ليس لنشر الديمقراطية، الإعلام البدوي الخليجي عندما انسحبت أميركا من أفغانستان قبل أربعة أشهر، أصابهم الهلع والخوف، وجود طالبان في أفغانستان له آثار سلبية بالمنطقة ويكون هناك ارتدادات بالمنطقة وبالذات الجمهوريات السوفياتية السابقة في زعزعة استقرار دول آسيا الوسطى، وذلك لعدم معرفتهم الإسلام كدين، بسبب قمع وبطش الحكم الشيوعي بالحقبة السوفياتية للمسلمين وبقية الأديان الاخرى، بعد سقوط السوفيت نظام كازاخستان فتح أبواب الدولة إلى الشركات الغربية وتم فتح منظمات حقوقية ومؤسسات غير حكومية تعمل لصالح أجندات غربية معينة، ومهما قدمت لهم من تسهيلات تبقى مستهدف يتحينون الفرص لنشر الفوضى لعمل مشاكل لشعوب المنطقة وروسيا بشكل خاص.
استطاعت المنظمات التي تعمل للغرب في التأثير على المشهد الكازاخستاني اليوم، بحيث انفجر فيه الشارع الشعبي غضباً واحتجاجاً على قرارات حكومية برفع أسعار الوقود مما أتاح فرصة ثمينة لتحريك المظاهرات لكي تسقط نظام الحكم، مستغلين مطالب المواطنين في تردي الأوضاع المعيشية في بلد يعد منتجاً مهماً للنفط والغاز عالمياً، ويحتل المرتبة الـ16 عالمياً في تصدير النفط، إضافة إلى أن لديها موارد معدنية كثيرة، عملية الانتقال من الحكم الشيوعي إلى حكم ديمقراطي ليبرالي ليس بالعملية السهلة، تم سرقة الشركات والمصانع وشراء شركات النفط من قبل شركات استعمارية أثقلت كاهل الشعب وأصبح لدى شعب كازاخستان طبقة تجار منتفعين وهم قلة وطبقة شعبية فقيرة تمثل غالبية الشعب، تم استغلال عامل الفقر في تأجيج الاضطرابات الشعبية، وحدث نفس المسلسل بالعراق في أحداث تشرين تم إسقاط حكومة عبد المهدي بحجة الإصلاح وعدم إعادة انتخاب المجرب، النتيجة تم إعادة رئيس البرلمان الحلبوسي لمنصبه وربما برهم صالح ايضا يعود لمنصبه وربما الكاظمي ايضا، لذلك ماحدث بالعراق كاد يحدث في كازاخستان.
عندما حدثت الاحتجاجات في كازاخستان وشملت غالبية المدن فقدت السيطرة على غالبية المدن، لذلك طلبت الحكومة الكازاخية تدخل روسيا ودول رابطة الدول المستقلة لإعادة الاستقرار، حيث اعتبر الرئيس الكازاخستاني، قاسم جومارت توكاييف، أن بلاده تعرضت لـ«عدوان مسلح» نفذه «إرهابيون مدربون في الخارج»، مشيراً إلى أنه تم رصد 20 ألفاً منهم في ألماآتا وحدها، ما يحدث في كازاخستان بدافع ودعم غربي، كما في أوكرانيا عندما اسقطوا النظام والغاية زعزعة أمن روسيا، مستغلين مطالب الناس في تحسين الظروف المعاشية، بظل وجود الإنترنت أصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة، أصبح من حق الشعوب الأخرى أن يطالبون في حياة رفاهية أسوة بحياة الرفاهية في الشعوب الغربية، الغاية من تأجيج الصراع في آسيا الوسطى هو ضمن الصراع ما بين روسيا وأميركا والاتحاد الأوروبي في آسيا الوسطى هو لإضعاف روسيا وإنهاء النفوذ في آسيا الوسطى والشرق الأوسط ومحاصرتها داخل دولة روسيا نفسها، هناك محاولات وصرفت لأجل ذلك أموال، واتبعوا أسلوب الحرب الناعمة في تهيئة شعوب المنطقة نفسياً وفكرياً ضد روسيا، وهكذا يستخدم العقل الأميركي تغيير مخزون من المفاهيم إلى حدٍ بعيد جوهري ومستقبلي، مثل مافعلوها في مناطق الوسط والجنوب بالعراق.
الحقيقة الدول الغربية عندما تجد بلدان تفتح لهم أراضيها يحاولون بكل السبل إيجاد نظام يواليهم بالدرجة الأولى، عندما تحدث مظاهرات رأسا يطالبون الحكومات في تلبية المطالب، ومن ثم تخرج المظاهرات المطلبية ويقومون في إذكاء النيران بداخل المؤسسات الحكومية والمحلات التجارية والمستشفيات، فالمتظاهرون في كازاخستان اقتحموا مبنى المطار الدولي وأيضاً مبنى البلدية الرئيسي في ألماآتا، وأطلقت الشرطة قنابل صوتية والغاز المسيل للدموع ضد حشد من آلاف المتظاهرين لكنها لم تنجح في منعهم من الاعتداءات والتخريب.
إجراءات الحكومة كانت قطع الإنترنت والطلب من روسيا ودول رابطة الدول المستقلة في إرسال قوات عسكرية لحفظ الامن، قطع الإنترنت تسبب في حرمان المجاميع المدربة في توجيه المتظاهرين، بعد طلب الرئيس الكازاخي في إرسال قوات عسكرية، خلال أقل من ٢٤ ساعة وصلت القوات الروسية وقوات من رابطة الدول المستقلة، وفشلت مؤامرة إسقاط النظام وعادت الأمور إلى وضعها الطبيعي بل وحسب تصريح رئيس كازاخستان هذا اليوم خلال اليومين القادمين تنسحب القوات الروسية بعد أن استتب الأمن والاستقرار.
قضية أتباع أسلوب إلهاء الناس سياسة دأبت عليها الأنظمة الفاشلة بالشرق الأوسط وبالذات العربية لكي يبقى الحاكم يخدم أسياده الذين نصبوه، يحكى أن مهندساً زراعياً كان يعمل في إحدى قرى الصعيد في مصر، ركب القطار في طريقه إلى القاهرة، وجلس بجانبه فلاح مسن من أهالي القرية، لاحظ المهندس أن بين قدمي الفلاح كيسا (شوال)، وخلال الطريق كان الفلاح يقلب الكيس، ويخلط محتوياته كل ربع ساعة، ثم يعيد تثبيته بين قدميه، واستمر على هذا الحال طيلة الطريق، استغرب المهندس الزراعي من تصرف الفلاح، فسأله: ما قصة هذا الكيس، قال الفلاح: أنا أقوم باصطياد الجرذان والفئران وأبيعها وأوردها إلى المركز القومي للبحوث بالقاهرة ليستخدموها في التجارب المخبرية، قال المهندس، ولماذا تقلب هذا الكيس وتهزه، قال الفلاح، هذا الكيس فيه جرذان وفئران، ولو تركت الكيس من دون تقليب وهزّ لأكثر من ربع ساعة ستشعر الجرذان والفئران بالراحة والاستقرار، وسيتوقفون عن التوتر الغريزي، ولن يطول الوقت حتى يبدأ كل واحد منهم بقضم الشوال الكيس ومن ثم ثقبه والفرار، قضية نشر الديمقراطية بين الشعوب العربية كذبة كبرى تشبه تماما حديث الفلاح المصري الذي يصطاد الجرذان والفئران لبيعها.
في الدولة الفاشلة أثناء الفوضى والصراعات، يكون الجانب الأكثر خسارة هو فقدان الثقة وقطع العلاقة بين الحكومة والشعب، نحن في وضعنا العراقي، كيف يمكن أن يتحسن الوضع السياسي والاقتصادي ويتحسن الوضع السياسي ويصبح أفضل في كازاخستان ويعود الاستقرار.
الوضع العراقي شائك نحتاج إيجاد تفاهم كردي سني شيعي للعيش المشترك والاتفاق على ضمان مشاركة الجميع بالحياة السياسية وضمان مشاركتهم بدون تهميش وإقصاء أحد، لنحصن مجتمعنا من الصراعات التي تكون سببا لتدخل قوى الاستعمار بشؤوننا الداخلية، على سبيل المثال بالوضع العراقي الحالي عندما يلتقي أحد من المسؤولين الى المكون الشيعي في إيران نسمع ابواق الوطنية والتخوين من فلول البعث وهابي وقطعان المغفلين تنادي وتطالب بإقصاء هذا الخائن، والصحف السعودية الوهابية تخصص للخبر صفحات وتامر المرتزقة في كتابة مقالات حول هذه المصيبة، اليوم قادة المكون السني يجتمعون في تركيا برعاية الإمارات و تركيا والسعودية والأردن، اليس هذه أيضا خيانةُ و ذيول، لو هذه التسميات إلى الشيعةً فقط، ابتلينا في اشباه الرجال وخاصة سفهاء الشيعة افلا تعقلون ألا تتعضون، هل انتم عميان….الخ، فقط إيران إذا أرادت ان تنصح اطراف الشيعة بتوحيد الصف والموقف
السنة ومحيطهم البدوي الطائفي ومعهم غمان ودونية الشيعة يعتبرونه تدخل بالشان العراقي ويسمونهم ذيول ايران
ألا تكفي شهادة مشعان الجبوري يوم أمس ان الحلبوسي مدعوم تركياً وآماراتياً لماذا لا احد يقول هذا تدخل وأنه ذيل الامارات وتركيا.
في الختام افشال محاولة الانقلاب فى كازاخستان بمشاركة قوات روسية وقوات دول رابطة الدول المستقلة أعاد لدول الرابطة التعاون العسكري لهزيمة القوى الإرهابية وقطع دابر التدخلات الغربية بشؤون المنطقة.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
12/1/2022
https://telegram.me/buratha