إيمان عبد الرحمن الدشتي ||
حجة الحجج، الزهراء، الكوثر، وغيرها من الألقاب التي حملت المعاني السامية قد جُمعت في شخص مولاتنا فاطمة عليها السلام منذ أن شرف الله تعالى بنورها الوجود في يوم العشرين من جمادى الآخرة، فصُير هذا اليوم عيدا لكل أم مسلمة تنهل من هذه المعاني ومن ربيع عمرها القصير المبارك شرعة ومنهاجا.
دور الأم في حياة الأولاد لا يمكن أن يختزل في كلمات لأنها عطاء لا ينضب، وفي غمرة هذا العطاء قد يغفل بعض الأولاد عن هذا النعيم الذي يحتضنهم منذ ساعة مولدهم إلى ما شاء الله، ومن لا يعرف معنى "الأم" ويغفل عن نعيم وجودها فليبحث عنه في أصدق مصاديق الشعور، في قلوب منكسرة وعيون لا يبارحها الدمع وصدور حرى ملؤها الأنين والحسرة، وذراعين مشتاقين الى ضم أمٍ وسّدت تحت التراب، فعند هؤلاء تُعرف قيمة الأم المعطاء والمضحية بكل ما تملك من اجل راحة أبنائها وسعادتهم وتنشئتهم نشأة صحيحة وقد يلحقهم ابناؤهم في ذلك.
فبر الوالدين من أقرب القربات إلى الله، حيين كانا أو ميتين وخاصة الأم، وقد أكد ذلك النبي الخاتم صلى الله عليه واله حين سأله سائل وقد أعاد السؤال ثلاثا: (من أبر؟)، فكان يجيبه في كل مرة: (أمك)، وحين سأله في الرابعة، أجاب: (أباك)، وقال إمامنا السجاد عليه السلام في رسالة الحقوق: (فحقّ اُمك أن تعلم أنّها حملتك حيث لا يحمل أحد أحداً، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحداً، وأنها وقتك بسمعها وبصرها، ويدها ورجلها، وشعرها وبشرها وجميع جوارحها، مستبشرة فرحة، محتملة لما فيه مكروهها والمها وثقلها وغمها، حتى دفعتها عنك يد القدرة، واخرجتك الى الارض، فرضيت أن تشبع وتجوع هي، وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمى، وتظلك وتضحى، ...، فتشكرها على قدر ذلك ولا تقدر عليه إلاّ بعون الله وتوفيقه).
ولأجل أن يراعى حق الأم وتجازى لبعض ما تقدم، فمن الحكمة أن يخصص يوم لتخليدها، وما ابهاه واعظمه من يوم حين يقترن بميلاد سيدة نساء العالمين عليها السلام، التي كانت نعم الأم لنعم الأولاد، ذرية بعضها من بعض طابت وطهرت، وليس الإحتفال في هذا اليوم هو الهدف، بل الهدف هو الأسوة والإقتداء بأمومة فاطمة لأولادها وبنوة أولادها لها، وتعظيم شأن الأم التي قرن الله طاعته بطاعتها، حيث قال تعالى: (ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن وفصاله في عامين، أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير)، واحق من يذكر في هذا اليوم هن أمهات الشهداء اذ لهن حق في أعناقنا، حين جدن بفلذات اكبادهن من أجل صون الأرض والعرض والمقدسات.
فهنيئا للزهراء وابيها وبعلها وبنيها عليهم صلوات الله وسلامه ميلادها الميمون، وبالخصوص حفيدها إمامنا الموعود عجل الله فرجه، ومبارك لكل أم لازالت على عطائها، والرحمة والمغفرة للأمهات الراحلات.
ولادة الكوثر
اليوم_العالمي للام المسلمة