نعيم الهاشمي الخفاجي ||
يبقى العالم تتحكم به الدول الكبرى والتي تسمى في الخمسة الكبار، نفس هؤلاء الخمسة أعضاء في مجلس الأمن ولهم حق نقض القرار بالفيتو، ربما يحدث تضعضع هنا وهناك في نفوذ اللاعبين الخمسة الكبار، لكن هذا الاختلال لا ينتهي هيمة تلك الدولة العظمى وتصبح في خبر كان، بعد قيام غورباتشوف في السماح بسقوط المعسكر الشرقي ومن ثم هيكلة الاتحاد السوفياتي انفردت أمريكا في قيادة العالم لكنها لم تستطيع إخضاع روسيا والصين، بل لم تستطيع أمريكا إخضاع دول أوروبا الغربية لها بشكل كبير، نعم دول العالم العربي خضعت واستسلمت بشكل كبير، بحيث معمر القذافي خلع كل اسلحته وسلمهم برامجه التسليحية مقابل أن يبقى في رئاسة ليبيا والتي كان يسميها في الجماهيرية الليبية العظمى، النتيجة اسقطوه وسلموه لشعبه مثل ماسملوا صدام الجرذ للشعب العراقي للاقتصاص منه.
أحداث سبتمبر جعلت من أمريكا تقوم في عمليات عسكرية انتهت في غزو أفغانستان والعراق وبعد عشرين عاما سلمت أفغانستان لحركة طالبان التي هي أسقطت حكومتها، وكذلك الوضع بالعراق بات الوجود الأمريكي شكلي يحتاج تعاون بين ساسة المكونات وبشكل خاص ساسة المكون الشيعي في توحيد الخطاب وتبني مشروع ملزم للجميع ينهي وجود القوات المحتلة والكف من جعل العراق ساحة لتآمر دول الوهابية البدوية ضد شيعة العراق مستغلين الصراع مابين إيران وأمريكا.
اجتماع الرئيس الروسي والرئيس الصيني وصدور الإعلان الصيني - الروسي بعد لقاء الزعيمان اثبت بشكل رسمي ان الموقف تطابق واضح مابين روسيا والصين، بل أعلنت الصين رسمياً تدعم حليفها الروسي بالأزمة الأوكرانية ضد الغرب وتحديداً واشنطن.
صحيفة غلوبال تايمز الصينية نشرة على صفحتها الاولى بالقول أن «العلاقة الوثيقة بين الصين وروسيا تُمثل آخر خط دفاع لحماية النظام العالمي».
ربما هناك من يتسائل، الصراع في أوكرانيا وتايوان، مما لاشك به روسيا والصين هم من ضمن اللاعبين الخمسة الكبار الذين يتحكمون في العالم، لايمكن ان تنشب حرب عالمية بين الدول الخمسة الكبار لاجل أوكرانيا أو تايوان، وحتى لو روسيا تحتل أوكرانيا وهذا مستبعد لم تتدخل حلف الناتو بمواجهة عسكرية وإنما تفرض عقوبات اقتصادية تنتهي في مفاوضات إلى إيجاد صيغة لتقاسم النفوذ وتوقيع اتفاق تقاسم ما بين الدول الكبرى.
أمريكا احتلت أفغانستان والعراق ووقعت ووقعت الإدارات الأمريكية في مأزق مع الشعب الأمريكي انتهت في انسحاب أمريكي غير منظم من أفغانستان فمابالكم إذا كانت المواجهة مع روسيا والصين. الأحداث الجارية في أوكرانيا مع روسيا والصين ليس إلى إعلان حرب عالمية ثالثة وإنما كل هذه الأحداث هي بداية نظام عالمي جديد وهذه الأحداث هي ملامح تشكيل هذا النظام العالمي الجديد.
سقوط الاتحاد السوفياتي خلق أزمة حقيقية تسببت في أضرار كبيرة إلى النظام العالمي الحالي، تسببت في خلل واضح في التحالفات الدولية، وايضا دول الرجعية العربية الخليجية شاركت بدور قبيح في استهداف شعوب عربية ومسلمة و عالمية مصنفة مع روسيا، بحيث السعودية وقطر اعرقوا أسواق البترول إلا أن أصبحت أمريكا مصدرة اولى للبترول والغاز، عندها اضطرت السعودية للكف عن إغراق السوق العالمية في البترول، قطر الان تريد تزويد أوروبا بالغاز، للضغط على روسيا، لكن نسى هؤلاء أن روسيا وقعت على اتفاق مع الصين التي تشكل تعداد نفوسها ربع سكان العالم لتزويدها في البترول والغاز الروسي، تسعين بالمائة من بترول السعودية والإمارات وقطر وإيران والكويت والعراق تشترية الصين، الظاهر حكام العرب البترولية يسيرون لتعجيل حتفهم، السوق الاقتصادية ما بين روسيا والصين كافية أن يستغني الروس والصينيون عن دول أوروبا والغرب.
هناك حقيقة يعرفها الغربيين أن لدى الصين صعوداً اقتصادياً أسطورياً، بل ان الولايات المتحدة والصين لديهم اقتصاد كل طرف يعتمد على الطرف الآخر، أي انهيار في الاقتصاد الصيني يلقي تبعاته على الاقتصاد الأمريكي والعكس صحيح، حتى العقوبات التي يتم الإعلان عنها ضد الصين شكلية ويصعب على الولايات المتحدة، فرض عقوبات حقيقية على الصين، وكذلك الحال مع روسيا، هذه الأحداث الحالية من صراعات وتهديدات فهي أننا أمام ملامح تشكل نظام عالمي جديد يقسم العالم مابين اللاعبين الخمسة الكبار.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.