كوثر العزاوي ||
مما لاشك به ولاخلاف عليه ، أن بعثة النبي محمد" صلى الله عليه وآله وسلم" لَهي المنّة العظيمة والنعمة الجزيلة على البشرية جمعاء
{لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }آل عمران ١٦٤
لقد اقتضت حكمة الله أن يكون المبعوث رحمة هو إنسان من بين الناس ومن جنسهم
لتكون الحجة البالغة لله تعالى على الناس، ومع ذلك لم يسلم الفضاء المبارك للبعثة من استهزاءٍ وإنكارٍ من قِبل المشركين والمتكبرين والمعاندين والحاسدين ، لكنها الحكمة والمشيئة الكامنة في خزائن الله تعالى وهو اعلم حيث يجعل رسالته بمن اصطفاه من الناس أسوة وإنموذجًا أعلى، فلو بُعِث النبي من غير نوع البشر ما تمكن أن يكون أسوة للناس، لذلك أمر الله تعالى نبيه أن يخاطب الناس بكل ثقة وقوة بقوله تعالى.
﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾
الكهف ١١٠
ومن هذا المنطلق عُدَّ يوم المبعث أعظم عيدًا بل إنه مفتاح لكل أعياد المسلمين لانه يوم الوحي ويوم القرآن ويوم القدوة والاسوة، والانموذج المعصوم، والإنسان الاكمل من بين البشر ، فقد أجمع علماء الشيعة على اعتبار النبوة لطف الهي، تجب في مَن تقلّدها بأمر
من الله واصطفاءٍ منه، ان يكون معصومًا عصمة شاملة، منذ ولادته حتى مماته، فلا تجوز عليه الكبيرة ولا الصغيرة، لا بالعمد ولا بالسهو، ولا بالتأويل ولا بالنسيان، ودليلهم على ذلك، أنه لو عَهِد منه خطيئة، لتنفّرَت العقول من متابعته، فتبطل بذلك فائدة البعثة التي تحمل اهدافًا عظيمة سيما الهدف الأهم والأخطر ، من بين الاهداف: وهو إقامة العدل ونشر التوحيد وصناعة مجتمع توحيدي يقوم على اساس الوحدانية لله "عزوجل" بقيادة قادة إلهيين تُمسك زمام إدارة الامة ، وإلا فان وجود البشرية دون معرفة الهدف مِن خَلْقِهم يكون عبثًا! وحاشاه وهو الخالق المنزّه عن كل عيب وعبث.
{وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}الذاريات ٥٦
وإن تمام العبادة هنا، متوقف على المعرفة بالله، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه، كانت عبادته أكمل، وهي معرفة الإنسان بالمبدأ والمعاد ومعنى التوحيد ومن يخلف النبيّ بعد مماته من خاصته لضرورة مواصلة المسيرة التوحيدية، ولعل اوضح بيانًا للبعثة النبوية من قبل رب الخلائق "عزوجل" ماجاء على لسان بضعة النبي الخاتم "صلى الله عليه وآله" في فقرة من خطبتها الفدكية:
«فأنارَ اللّهُ بأبي محمّد ظُلَمَها وكَشفَ عن القلوبِ بُهَمَها وجلّى عن الأبصارِ غُمَمَها وقام في النّاس بالهداية فأنقذهم من الغوايةِ وبصّرهم منَ العماية وهداهم إلى الدّين القويمِ ودَعاهم إلى الطريق المستقيمِ»
فكلنا اليوم مدعوون بالتمحور والعودة الى رحاب الأئمة الطاهرين (ع)من أهل بيت النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية استمرار البعثة التي تمثلت في حفظ الدين عقيدة وشريعة ومنهاجا من قوى التحريف المتربصة به، ولابد لنا من التمهيد لدولة خاتمهم "عليه السلام" والاصطفاف حول قادة محور التمهيد الذين يتصدون للدفاع
فداءً للدين الخاتم، في مواجهة الاستكبار العالمي ومخططاته ودسائس المضلين أعداء الدين والأنسانية.
٢٧رجب الأصب١٤٤٣هج
١-٣-٢٠٢٢م