نعيم الهاشمي الخفاجي ||
روسيا تعتمد على نفسها وقوتها بالدرجة الأولى وما تحتاجه من اصدقائها دعم معنوي أو أن يكون الأصدقاء مثل إيران كحلقة وصل ما بين موسكو وكييف لوقف الحرب وبدأ المفاوضات، حرب أوكرانيا أزمة طارئة وليست حرب مفتوحة تطول سنوات أسوة بحروب الشرق الاوسط التي عشناها في العقدين الآخرين من القرن الماضي وخلال العشرين سنة الماضية من الألفية الحالية.
الموقف الإيراني ثابت، دائما إيران تلعب دور الوسيط للاصدقاء، في اليوم الثاني من بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، اتصل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقال له، إن بلاده تنظر بكثير من الريبة وتشجب محاولة الولايات المتحدة تمديد حلف الناتو نحو الشرق ونحو الأراضي الروسية، وإن إيران تتفهم صد حكومة روسيا الفيدرالية محاولة حصارها بضم أوكرانيا إلى حلف الناتو، وقال رئيسي الى بوتن نأمل في بداية مفاوضات دبلوماسية مابين روسيا واوكرانيا لإيجاد حل إلى الصراع.
كلام السيد رئيسي كان دقيق إلا أن كلام السيد رئيسي أثار حفيظة المستكتبين من مرتزقة دول البداوة وقالوا أن إيران تخلت عن حليفتها روسيا وكأن دول البداوة المتآمرة ضد روسيا في حقبة السوفيت والحقبة الحالية هم حليف محترم إلى الأمة الروسية، كل شعوب العالم تعرف ان المال الوهابي نشر الوهابية ضد السوفيت وروسيا الحالية ضمن الحرب الباردة ما بين الناتو وروسيا السوفياتية وروسيا الحالية وفي اعتراف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لقناة أمريكية إخبارية عالمية، ولعبت السعودية دور قذر في القرن الماضي والحالي في اغراق سوق البترول للضغط على روسيا اقتصاديا لكون روسيا من الدول المصدرة للبترول، وبقيت السعودية تغرق أسواق البترول إلى أن شاء الظروف تصبح أمريكا المصدر الأول للبترول في السنوات الماضية، آخر مرة حاولت السعودية تخفيض اسعار البترول عام ٢٠١٩ ضد الحكومة العراقية لكن اغراق السعودية السوق العالمية بالبترول تسبب في إفلاس شركات أمريكية بسوق البترول، على اثر ذلك تصل ترامب في ابن سلمان وأمره في الكف عن اغراق السوق العالمية بالبترول لان ذلك سبب اضرار كبيرة للشركات البترولية الامريكية، على أثرها توقفت السعودية ودول الخليج في الكف عن اللعب في أسعار البترول.
طبيعة المنافقين من فيالق المرتزقة واجبهم كلاب حراسة شغلهم النباح لتزوير الحقائق، منذ سنوات وهم يكتبون بصحف السعودية يقولون بوجود حروب إيرانية روسية في سوريا لكن الواقع يقول عكس ذلك، بل الواقع على الأرض يقول وجود علاقات صداقة وتعاون إيراني روسي سوري.
ففي المفاوضات النووية في فيينا كان الموقف الروسي حاسماً لمصلحة إيران، وعندما وصلت المفاوضات إلى حائط مسدود بسبب مطالبة إيران بضمانات أميركية تلزم الإدارات الأميركية في المستقبل بعدم القدرة على إلغاء الاتفاق؛ ما يشكل خرقاً للدستور الأميركي، دافع المندوب الروسي ميخائيل أوليانوف عن المطلب الإيراني، ملمحاً إلى فقدان الولايات المتحدة المصداقية بعد أن ألغى الرئيس ترمب اتفاقية لوزان الموقعة عام 2015، وقد اقترح المندوب الروسي بديلاً عن مطلب الضمان الإيراني بقرار يصدر عن مجلس الأمن تتم الموافقة عليه بالإجماع، وقد كان في هذا تسجيل نقطة مهمة لصالح إيران. كما كان الموقف الروسي في موضوع اليورانيوم المخصب أساساً للوصول إلى حل يرضي إيران، المندوب الأميركي كان يطلب أن تكون الكميات المخصبة الزائدة تحت سيطرة المراقبين الدوليين بدون أي وجود إيراني ما لم يحظَ بقبول مندوب إيران في فيينا، وهنا تدخل الروسي مجدداً وتعهد بنقل كميات اليورانيوم الزائدة إلى روسيا.
العلاقات الروسية الإيرانية ومنذ عهد غورباتشوف كانت جيدة لكنها تطورت مع تولي بوتين زعامة روسيا الاتحادية، بل في إحدى زيارات بوتين الى طهران زار مرشد الثورة وقدم له أغلى هدية نسخة إلى أقدم قرآن كانت في روسيا إلى السيد مرشد الثورة الإسلامية، نسخة القرآن عمرها يعود إلى قبل مئات من السنين وهي هدية نفيسة وثمينة، روسيا لا تحتاج دعم إيراني عسكري، روسيا الدولة الأولى بالعالم نوويا وعسكريا، كل ما تحتاجه روسيا من إيران دعم معنوي مثل رعاية المفاوضات الدبلوماسية ما بين روسيا وأوكرانيا وإيران مهيأة للعلب هذه المهمة، حيث تربطها علاقات جيدة مع طرفي النزاع لاستضافة المحادثات ما بين موسكو وكييف.
العلاقات الروسية الإيرانية في تزايد مستمر وخاصة بعد محاصرة الغرب إلى روسيا بكل المجالات، بل وصلت الحالة الجامعات الأوروبية قامت بطرد الطلاب الروس من الجامعات بدون ذنب سوى كونهم روس.
نعم معركة روسيا مع الناتو معركة وجودية والروس يراهنون على أنفسهم بالدرجة الاولى، ولايمكن تشبه معركة روسيا مثل موقف الرئيس جورج دبليو بوش بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عندما خاطب الأوروبيين الذين ترددوا في دعم حربه ضد طالبان وصدام الجرذ بأن من ليس مع الولايات المتحدة بالكامل فهو ضدها، بوتين لم ولن يصل إلى مرحلة من ليس معه فهو ضده.
العملية الروسية لا تستهدف احتلال دولة أوكرانيا وإنما العملية الروسية كانت واضحة المعالم ومنذ اليوم الأول للحرب حققت القوات الروسية إنجازاً مهما في توسيع أراضي جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك اللتان اعترف بهما بوتين وسلخهما من أوكرانيا، وسابقا ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا.
القوات الروسية إذا دخلت كييف تقوم بتنصيب رئيس إلى أوكرانيا وفي حالة عدم دخول العاصمة كييف وعدم الاستطاعة من إسقاط الرئيس فولوديمير زيلينسكي واستبدال برئيس حليف إلى موسكو، يقوم الروس في إقامة إدارة جديدة لجمهورية ثالثة في الشرق الأوكراني ويتم السيطر على المنفذ البحري وتصبح أوكرانيا دولة مقطعة الأوصال وبلا منفذ بحري ومدمرة.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
3/3/2022