كوثر العزاوي ||
عندما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني"رضوان الله عليه" أدركنا معانٍ كثيرة كانت بالنسبة لنا مجرد نظريات صعبة التطبيق بشأن التغيير على مستوى الحكومات الظالمة، سيما وأنّ التاريخ طالما حكى عن شعوب وأمم ذاقت الويلات من أنظمة دكتاتورية فاسدة فانتهت مأساتها إمّا بموت الظالم حتف أجله، أو الإطاحة به من قِبل المتنفذين بانقلابٍ عسكري أو عملية اغتيال، فيذهب طاغية، ويأتي البديل الذي هو مَن كان بالأمس أحد أعوانه، وما ذلك الهدف سوى صراع على السلطة والعرش الناتج عن حب الدنيا ، حتى جاء اليوم الذي نرى فيه رجلًا عالِمًا فقيهًا قد تصدى لأعتى طاغوتٍ ليُحدِثَ ثورة إسلامية أسقطت إمبراطورية كانت تشكّل أعظم نظام لأطول حقبة في تاريخ إيران! فكان أمرا عَجبًا حقًّا!!
نعم! لقد سقط النظام البهلويّ الشاهنشاهيّ، وانتصرت الثورة الإسلامية وقائدها وشعبها المعطاء والمضحي، فكان ذلك اليوم ومازال هو احد أيام الله الكبرى في أحداث القرن العشرين، وكان الانتصار نهاية مرحلة للذلّ والاستضعاف والخضوع للاستكبار، كما كان بدايةُ مرحلة مشرقة للإسلام وحاكمية دين الله وتطبيق أحكامه وكسر القيود المفروضة على الشعوب المستضعفة من قبل الأستكبار الشرقي والغربي وأدواته الطاغوتية، فكانت الثورة بحق هي تجسيد لمعاني التوحيد والولاء المرتبط بالله الواحد الأحد ورسوله واهل بيته المعصومين "عليهم السلام" من حيث المحتوى الحافل بالتضحيات في سبيل الله، والجهود المخلصة من قبل العاملين والمجاهدين بكل فئآت الشعب ممن وعى محنة التسلط ومصادرة الحريات وقمع الافكار، فانتفض الجميع حاملين أعباء المسؤولية في طريق ذات الشوكة، عِلمًا أنها -الثورة- لم تكن حصيلة أيام ولاسنين، إنما هي حصيلة عذابات مختلفة واضطهاد على المستوى العقائدي والاجتماعي والاقتصادي بل وكل العناء والألم لتاريخ طويل، فجاء ذلك الرجل من أقصى الغرب يسعى بعباءة رسول الله وعصا موسى، بسيماء الصالحين، وتقوى المصلحين، فلاذَ تحت عباءته المستضعفين، ونَبذَ بصدى خطاباته المنحرفين، ودَحرَ بعصاه جموع الخائنين المتسلطين، فحلّت البركة واستَتبّ الأمان، ليس في إيران وحسب، إنما عمّت بركاته جميع البلاد المستضعفة، لتلمس الأمة الإسلامية يد الله وقدرته وحلول إرادته في الانقلابات التاريخية الكبرى، لتبقى الجمهورية الإسلامية إلى يومنا هذا سندًا للمحرومين وأملًا ممهِّدًا على رأس محاور الولاء والتمهيد حتى اليومٍ الذي يأذنَ الله فيه بالظهور للقائد الأقدس أمل الخافقَين (بقية الله في أرضه المنتظر الموعود أرواحنا فداه)
{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللهِ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} الروم ٤-٥
٣٠ رجب الاصب ١٤٤٣هج
٤-٣-٢٠٢٢م