مازن البعيجي ||
عفاف البنت التي عاشت في مجتمع "الحياء" فيه من أعظم شمائل الرجال والنساء، ورأس مال الشباب والفتيات، هو ذلك الحياء الذي يقصه بائع السجاد الحاج نقوي والد عفاف، حيث كان يقص على أحفاده قصة عفاف مع حادث حدث لها عندما كانت في عمر آل ١٧ عاما، حيث لم يكن في قريتها مدرسة إعدادية وتذهب عن طريق سيارات بعض الفلاحين التي تأخذ المحصول كل صباح لتبيعه في المدينة التي توجد فيها مدرسة عفاف، وهناك عادة وعرف في القرية الممتدة على طول نهر طويل ينتهي بشط العرب، كل من يمر على رجل او امرأة صغيرا او كبيرا من الفلاحين الذاهبين إلى القرية، يأخذ من يريد الذهاب الى المدنية والتي تبعد حوالي ١٥ كيلو متر وعن طريق سدة ترابية أثناء المسير تخلف السيارة خلفها عاصفة ترابية جلها على من يصعد بحوض السيارة المكشوف من الخلف.
عفاف البنت التي لم يرى أحد وجهها، فهي تخرج كل يوم تلبس ملابس بسيطة، مع لثام لا يخرج من وجهها شيء قط، وترفض الركوب بمقدم السيارة ولو كان فارغا وتفضل حوض السيارة المكشوف، ومرات تضطر تلصق نفسها مع حمولة الفلاحين والخضار وتغطي رأسها حتى تصل المدينة حيث يتعجب من يراها بمنظر محزن والتراب يعلو رأسها وعبائتها السواء المصبوغة من التراب الناعم.
كل ذلك بسبب "الحياء" الذي يملأ قلب عفاف، وكان أصعب ما يجعلها كالسعفة حينما يسألها أي شخص عن أهلها وأنت بنت من؟ كيف لا وهي التي تعتريها رعشة واضطراب وخوف واحمرار وجنات وتعرق في جبينها حينما تكون بموقف يتطلب الخجل! علما أنها من اشطر الطالبات في كل شيء ادبا واخلاق وعفه وحسن مطنق، ولا يعرفها الكثير في مدرستها لأنها بالطريق تبدل ملابسها التي يعلوها الغبار كل يوم بمقام لأحد السادة الروحانيبن وتستعد للدخول للمدرسة القريبة للمقام بعد التوسل وصلاة ركعتين، وهكذا تقضي عامها بسبب الحياء الذي كان بوصلة لها خاصة وهي تقرأ عن حياء زينب عليها السلام، وهي التي تقول لأمراة طلبت أن تسأل زينب عليها السلام عن مسألة شرعية، فقالت لها انتظري البس مقنعتي، ولما دخلت عليها قالت لماذا وأنا امرأة مثلك؟ قالت حتى لا تصفيني إلى أحد!
من ذلك المعين طالبتنا ترفض الركوب مع أحد من أبناء القرية وتفضل رحلة التراب ومشقة إبدال ملابسها على طول ثلاث سنوات بحرها وبردها، حتى دخلت كلية الطب بتفوق عالي، وعاشت عفاف نموذج حسيني طوال وجودها في كلية الطب في العاصمة، تقدم لها العشرات ممن يسمع بها ويعرفها كان معيارها الأول بعد قناعتها بالمستوى الثقافي والعقائدي هو الحياء، حتى اقتنعت بطالب في المراحل النهائية عرف بنوع خجل وغض بصر أصبح حديث كل الجامعة وهو السيد الذي يأتي إلى الجامعة على عكاز بعد أن قطعت جزء من رجله بالحرب..
وهكذا كان للحياء الأثر العميق في تكوين أسرة عاشت مجاهدة بكل معنى الكلمة وأسسوا أعمالا كثيرة كلها نجحت وساهمت في خلق مجتمع علمي واجتماعي واعي لهم بصماته على المجتمع الذي يعرفه..
هل عفاف اليوم موجودة بيننا؟
الجواب؛ عند كل بنت أو امرأة لها قياس حيائها على حياء دكتورة عفاف الموجع..
ــــــــ
https://telegram.me/buratha