كوثر العزاوي ||
كلَّما مرَّت الأيام ،تمسكتُ بحكايتكِ بقوَّة، كأنَّني طفلٌ خائف، وكأنَّ حكايتكِ يدُ أمّي التي كانت تمسحُ على رأسي كلما أحسّت بعَينَيَّ محمَرّتين وأنيني يتصاعد، فبعض الحكايات كالأمّهات!
نحتاجُها عندَ الخوف والغربة وعند الضيق والبلوى، وحكايتي مع"باب القبلة" لضريح سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين"عليه السلام"حكاية عشق ودموع، وموعد ولقاء، لأنه الحسين، هو مَن علّمَنا أبجدية الحُب،لنسطّره لحنًا ملكوتيًا بين وريقاتِ القلب الذي احتوى آخَرًا في بوتقة العطاء المتدفّق من عتبة باب القبلة، ليلمّ الشعث بنفس راضية في مساحة نورانية كمشكاة، لم تعرف طريقًا لأنانيات بعض البشر في دائرة الذات، بل فسحة ذوبان مِن عالَم الفناء، وهو ذات ما أدُرج في قانون الهوى العذريّ المقدّس، ليمرّ نسيم كربلاء تاركًا أثرًا جميلًا، وبصمة خفيّة، وشفرات لا تفكّ ألغازها حتى حمائم الفضاء المُلهَمة!!
وها أنا اليوم أقف على عتبتكِ وحيدًا شاكيًا يامحطة الطهر، ولا أحد يستطيع أن يفهم نغماتك المهموسة في روحي سوى من سمِعها في يومٍ تلاقت فيه الأرواح في موعد صدقٍ عند باب القبلة التي لاتتذوّق معزوفة الفداء منكِ غير روحٍ مجنونة كروح جَون وعابس!!
وقفتُ طويلًا وحيدًا أتظاهر بالصبر أمامك، بينما يتناول قلبي مسكّنات الشوق كل ساعة بغير جزع، افترشتُ الارض كالمتسوّل، مسندًا ظهري المُبهَظ بأعباءٍ الذنوب ونوائب الدهر، آملُ أن أراه بارقًا ولو طيفًا يسبّح الله!
كنسمةِ تعبَقُ في الفؤاد! فالروح عندما لا تكون متصلة بالأحبة، تصبح إلى الأبد مع ذاتها عمياء في حزن وغم، لكن وفي كُلّ مرّة يغمرُ الحُزن فيها القلب يتجلّد، ليحُنّ للأمان الذي تُنسِجهُ ظلالكِ رغبة في أن يكون عِناق ضريح سيد العشق في لحظة وَلَهٍ وحاجة، فهو الشّيء الوحيد الذي أسلُكُ طريقي إليه باستقامة وشغف، ولايمكن للخذلان أن ينزع الحب الحقيقي الذي استلهَمَ معناه الأسمى من قبلة الحسين، رغم أنه -الخذلان- استطاع أن يُخرس صوت المخذول حينما خَبا ضوءه، وكان قادر على أن يصفعه بعنف ليدرك الوحيد ضَعفَهُ في لحظة قوة، فيصحو من جديد باحثًا عن نفسه! مُودِعًا قلبه قُبلة عشقٍ على باب القِبلة أمانة، شاكيًا مرة، ومنتظِرًا لآخر العمر، لقاء بلا موعد، وفراق بلا سبب ورسالة كُتب فيها:
"ضَع قَلبك عِند آلِ مُحَمّد فَهُم سَيختارون لكَ قدرًا يليق بِك"
فلا البدايات التى تتوقعها، ولا النهايات التى تريدها، وتستمر هذه الحياة!! فكن منتظِرًا.. فالعشق انتظار.
٢٢شعبان١٤٤٣هج
٢٧-٣-٢٠٢٢م
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha