المقالات

شهر فضيل تعرج فيه أرواح العابدين 


  إيمان عبد الرحمن الدشتي ||   العبادة هي تلك الممارسة التي تجمع معنيين متضادين في شعور واحد، وهو أن العبد كلما استشعر التذلل والخضوع لبارئه سما وارتقى، وإن أصدق مصاديقها حين تحلق روح العابد في سياحة بمحضر القدس الإلهي وعلى موائد ضيافته في أيام معدودات. الحياة بصخبها تعكر مزاج الإنسان وتحد من نشاطاته، فنرى المؤمن يتألم ان أُربكت برامجه وبالخصوص العبادية منها، فيود لو أنه يملك وقتا إضافيا للإتيان بسائر المستحبّات وبإستعداد نفسي وجسدي تام، كما أن الله تعالى الذي نعت نفسه بالرحمة وتنزه عن كل نقيصة لم يترك هذا الأمر حسرة على عباده بل رزقهم بشهر يصب فيه الرحمة عليهم صبا، فيصفد الشياطين ويغلق أبواب نيرانه ويفتح أبواب جنانه، ليقول لعباده من ابتعد عني أو تعسر سيره نحوي في سائر الشهور فهذا شهري لكم على طبق من الرحمة. كم نفرح حينما نتلقى دعوة ضيافة من أحد فنشعر أننا ذوو شأن، إذ نُلاقى بالترحاب وبما لذ وطاب ونرجع الي أهلنا بخير مآب، فما بالنا إن كانت الدعوة من الله ذي المعارج؟ حيث جَوآئِزَ السّائِلينَ عِنْدَه مُوَفَّرَةٌ وَ عَوآئِدَ الْمَزيدِ مُتَواتِرَةٌ ومناهل الظَّمآء لديه مترعة وَمَوآئِدَ الْمُسْتَطْعِمينَ مُعَدَّةٌ وفيها صنوف الرحمة والغفران، وكفارة للذنوب والآثام، وتزكية للارواح والابدان.  إن شهر رمضان الكريم عند المؤمنين يعني السكينة وترويض النفس على الصبر واستشعار جوع الفقراء والزهد عن سفاسف الأمور، والخوض في اسبار الأدعية والمناجاة التي افاض بها علينا أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام في هذا الشهر الفضيل، فلا راحة للجسد المنهك بعد جوع النهار وعطشه إلا بدعاء الإفتتاح وهو يحمل أنفاس صاحب الأمر عجل الله فرجه، والتأمل في دولته الكريمة التي سيعز بها الله الإسلام وأهله وسيذل بها النفاق وأهله ويجعلنا إن شاءت مشيئته من الدعاة إلى طاعته والقادة إلى سبيله، ولا سكون للنفس في ظلمة الليل إلا بأدعية السحر ومنها دعاء أبي حمزة الذي شرفه به إمامنا السجاد عليه السلام، وبه يتجرد العبد من قيود الدنيا ومغرياتها فلا يعمل إلا لتلك الجنازة التي سيتناول الأقرباء أطرافها ولذلك القبر الذي لم يُمهد للإضطجاع، وفيه من المضامين العالية البلاغة ما تجعل الروح تحلق لتطوف حول عرش الله راجية رحمته وغفرانه. وكما قال نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله: (لكل شيء ربيع، وربيع القرآن شهر رمضان) فلتلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان نكهة خاصة، تأخذنا إلى منازل الوحي والتنزيل حيث أنفاس نبينا الخاتم وعترته الطاهرة صلوات الله وسلامه عليهم وحيث زغب أجنحة جبرائيل عليه السلام في ذلك البيت المحمدي الطاهر.  وبكل ما في شهر رمضان من حلاوة ومزايا، تبقى الغصة حين نستشعر غربة إمامنا أرواحنا فداه، وإفطاره وحيدا وبلا مؤنس أو خدمة من أحدنا.  فلنحيي شهر رمضان هذا بشكل يختلف عن كل السنين المنصرمة، ولنجعله منطلقا لحبك اواصر العلقة بإمامنا المهدي أرواحنا فداه، فإن كنا نبحث في هذا الشهر الفضيل عن مصادر الرحمة فهو سلام الله عليه باب الرحمة الواسع، وإن كنا ننتعش بأجواء ربيع القرآن؛ فوجود شريك القرآن في حياتنا هو الربيع الذي تتفتح به أزهار نفوسنا ليعرج عطرها إلى رب الأرباب.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك