كوثر العزاوي ||
على مقدار تجربتي في الحياة، إضافة لإيماني بالله"عزوجل"وبنهج محمد وآل محمد"عليهم السلام" وماحوى من تعاليم وآداب حافلة بالقيم النبيلة والمبادئ السامية، فأنني أعتقد بل وأؤمن بحقيقة أن كل من تقابله في الحياة يعلّمك درسًا ما،وخلال مسيرة العمر، فقد تعلمت دروسا في"الصبر"ممن مرّوا عبر محطات خاطفة كانت ام ثابتة، أما لماذا الصبر تحديدا والدروس كثيرة:؟! لان الصبر أساس قوة الفرد بعد كل تعثّرٍ وانتكاسة تحصل، حيث يواجه اصناف البشر ضمن حياة تتقلب فيها الاحوال، فلا شيء فيها يدوم على حال، وقد جعل الله الدنيا دار اختبار وابتلاء، ليرى من سيصبر عند الشدائد والصعاب، ومن يكفر حينها، فالفائز من يصبر ويثبت حتى ينال جزاء صبره في الدنيا والآخرة،إذ أنّ الصبر هو سلاح المؤمن، يحتاجه المريض في سقمه، والحزين عند حزنه، كما يحتاجه الداعي في دعوته، والوحيد في غربته، والعامل أثناء سعيه لكسب رزقه وعلمه، والأهم من كل تلكم الحاجات،حاجةالمرء للعون والالتزام بالطاعات والعبادات، والثبات على تأديتها، كما الحاجةفي مواجهة نفسه ورغباتها، واجتنابه المعاصي ومقاومة الشهوات، فمِن غير الممكن أن يعيش الانسان بمفرده كي يأمن المؤثرات، فهو يلقى في حياته من الناس مَن هو كالنعمة الموفورة يفيض خيرا، ومنهم كمعلّم غيور يمحّص فيك ملكاتك الانسانية لتأخذ منه الدرس والعظة، ولكي تدرك ماوراء تلك المحطة من أسرار سلبًا وإيجابًا لابد ان تميز محطتك! فقد ترقى بك إلى سماء الراحة والجمال، أو تهوي بك إلى وادٍ غير ذي زرع ولا ثمار، فبفضل الصبر تصل إلى التمييز بين النعمة والدرس النافع، فحافظ على النعمة، وتعلّم من الدرس، فالرحلة لاتخلو من القدسية والحكمة، ولكل مخلوق يضعه القدر في طريقك لابد له من دور في حياتك، فالبعض يرتقي بك،وبعض يستخدمك،وبعض يخدمك،وآخر سيحبك ومحال الاستغناء عنه، والبعض يصفعك ليؤدبك، وهناك من يثبطك ويُضعف من عزيمتك، وهكذا حتى تصل لتحظى بأفضلهم إن كُتبَ ذلك لك، وهو ذاك الذي يُخرج أفضل ما فيك لترى ذاتك فيه مرآة صافية! فتعرف حقيقتك، ومنه تبدأ انطلاقتك حيث معاقل النور، لتجد أثر الصبر متألقًا في تلك المحطة الأعتقادية باعتبار ظروفه ومقتضياته التي صدح بها القرآن والنهج المحمدي الأصيل ، ولعل أجلّ مصاديقه مايدلّ على سمو النفس، وتفتّح الوعي، ورباطة الجأش، وقوة العزم، لان الانسان عرضة للمآسي والابتلاءات، فتأخذه بغتة من حيث يدري ولايدري، والصبر بمضامينه العالية، هو بلسم الجراح وعزاء القلوب المثقَلة،ولولا صحبتهُ لانهارَ الانسان، وَغَدا صريع الهموم والآلام، ومن أجل ذلك حثّت الآيات في موارد عديدة من القرآن الكريم على التحلّي بالصبروالتحصّن به، ومصاحبته كرفيق مؤنس حين يعزّ الصاحب والأنيس.
{وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ﴿٢٥ النساء﴾.
{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} ﴿٩٠ يوسف﴾.
فضلا عما زخرت الروايات وأحاديث أهل البيت"عليهم السلام" في كتب الأخلاق والتفسير والمباحث الجمّة بشأن قيمة الصبر عالية المضامين.
٦رمضان ١٤٤٣هج
٨-٤-٢٠٢٢م