كوثر العزاوي ||
إن أعظم مايغرسه التوحيد في قلب العبد، معرفة أن لاسعيد إلا مَن أسعده الله"سبحانه وتعالى"فهو مَن أسعَدَ وأشقى ومَن أضحكَ وأبكى ومَن أغنى وأقنى، كما أنه من يعطي ويمنع لعلمه بعاقبة الأمور،وقد جعل الباري"عزوجل"مقابل ذلك، غريزة الحب التي أودعها في خلقه بأبعاد طهرها لتكون هي القوة الجاذبة الباحثة عن الحقيقة باتجاه مراكز النور المنتشرة في محطات حركة البشرية،وقد تكون في قلبٍ أو فكرٍ أو جماعةٍ أو مقامٍ أو علاقة أو غير ذلك من موارد النور المنبثقة من أصل نور السموات والأرض(الله)!
وفي خضم ملابسات الحياة، تجد مَشاعر تَتجولُ مَابينَ شَوقٍ ووِصال،
مَابينَ وِجودٍ ولا وجود، مَابينَ فَرحٍ ووَصب، مابين إحباط وإقدام!!
إبتسامات مَجروحة علىٰ ثَغر الإخلاص، حوادث تتسارع وأحداث تتوالى، وظواهر ومفاجآت وغير ذلك مما يتصل بحركة الإنسان في الحياة، وما كل ذلك التفاوت اعتقادًا وكل تلك الأرهاصات سوى غربلة للمنتظرِين ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه فوق بعض، ومن هنا نفهم دور حب الله الذي تترشح منه رشحات عين الحياة، لتضع جذباتها فيما يُحبهُ الله وتتنافر مع ما يبغضهُ الله وتفرُّ عمن يبعدها عنه"عزوجل"وبذلك يتميز الحب الحقيقي ضمن المحور التوحيدي، ليكون هو الثمرة التي تُنجب شجرة وارفة أصلها ثابت وفرعها باسق في السماء تسقى بجداول الإيمان المتدفقة جمالاً وعطاءً وإخلاصًا، فتورق بالحق وتثمر بالهداية وتُظِلّ اصحابها بظلال التوحيد ذات النسائم الرطبة فتُسعَد النفوس وتمور الخواطر في القلوب التي يمّمَت وِجهتها شطر الخالق العظيم، بهدف السير محلقة بأجنحة النور في سماء الملكوت، متناغمة مع لحنٍ ملائكي يترنم بتقديس الخالق في عبودية خالصة وخضوع متناهي التسليم!
وفي أجواء ضيافة الرحمن، يجدر بالمرء تكريس اهتمامه بتلمّس القلب جيدًا،ثم البحث في شغافه بتؤدة وأناة، وحتمًا سيجد بذرة حبه "سبحانه وتعالى" تفوح عبيرا ما يحقق الوصل والوصول إلى مرفأ الأمان، وحينئذ سيدرك أن كل حب محوره الله لابد أنه مرتبط بمركز النور في الأرض الذي هو الولي الأعظم راعي البشرية قاطبة"عجل الله فرجه" بل وأن كل حب لأي حكم من أحكام الله تعالى وشرعه وهداه، هو في الحقيقة فرع حبّ الله الذي أنارت جذوته قلوب المخلصين!، وعلى ضوء ماتقدم: ينبغي للمؤمن أن يشغل لیله ونهاره بضرورة توجيه بوصلة قلبه شطر مركز النور ليكون كل وقته وشغله تحت ضمانة إمام الزمان"عجل الله فرجه" الشريف"وهذه هي السعادة التوحيدية الحقيقية التي تهوّن علينا مصائب الدنيا وتصغّر في عيوننا بهارجها وزيفها وخدع آمالها،
وقد جاء في الرواية عن أمير المؤمنين"عليه السلام":
{في حيرة عصر الغيبة سيثبُت على دينهم فقط الذين يأنسون بروح اليقين المباشر وبمولاهم وصاحبهم}
اللهم عجل لوليك الفرج.
٩رمضان ١٤٤٣هج
١١-٤-٢٠٢٢م
ـــــ
https://telegram.me/buratha