حازم أحمد فضالة||
كل حدث صارخ لا تُخضعه للتحليل ستُخفِق في تفكيكه، ومن هذه الأحداث حركة جماعة الصرخي الأخيرة، هذه الجماعة التي دعت في ظهور (جمعي منظم)، وفي (خطبة ذات موضوع واحد) ؛ تدعو إلى هدم مراقد أهل البيت (ع) في العراق، كيف نفكك هذا المشهد في مسرحه المكتظ بالعاطفة! وهل يمكن أن يكون منفصلًا عن ملفات غرب آسيا أم هل هو متصل؟
أزياء، قضية واحدة، رأي:
1- ظهرت جماعة الصرخي ظهورًا منظمًا، تدعو فيه إلى قضية واحدة تتفق عليها وهي (هدم مراقد أهل البيت -عليهم السلام- في العراق).
2- الخطباء الصرخية الذين دعو لذلك، اعتلوا المنابر وأغلبهم يلبسون البدلات الحديثة (السترة والبنطلون وربطة العنق) كأنه ذاهب إلى حفل زفاف، وأعمارهم دون الثلاثين، وواحد منهم لم يبلغ سن الرشد بعد!
3- يرى بعض المحللين أنَّ هذه الحركة (قنبلة دخانية)، وبعضهم يراها تغطية على أحداث مثلت ضغطًا عاليًا على الكتلة الصدرية والكاظمي؛ فجاءت هذه الحركة لإشغال الرأي العام في مسألة جديدة، أما نحن فلا نتفق مع هذه الآراء.
تحليلنا للحدث:
1- ما هي فرصة أن يحقق الصرخيون دعوتهم في هدم المراقد المقدسة، هل يستطيع أحد أن يعطيهم نسبة نجاح (3%)! لا يوجد مطلع متابع عاقل يعطيهم حتى هذه النسبة الضئيلة فرصةً لتحقيق دعوتهم بالهدم! إذًا لماذا هذه الدعوة المستحيلة؟
2- الصرخيون يعلمون أنَّ زيباري عندما تجاوز على الحشد الشعبي قبل عام من الآن؛ فإنَّ جمهور الحشد والمقاومة أحرق مقر بارزاني في بغداد، وأُعيدت الكرَّة مع المدعو (نايف گرگري) الذي تجاوز على المرجعيات الدينية، وأحرق مقر بارزاني ثانية، وقبله قناة دجلة… فإذا كان الشيعة هكذا يتعاملون مع من يحاول تدنيس (الحد الأدنى والأوسط لمقدساتهم ورموزهم… )؛ فكيف يتعاملون مع من يتجاوز على (الحد الأعلى)! ومِنْ ثَمَّ ألا يعلم الصرخي أنَّ هذا أمر صعب مستصعب! هو وجماعته يعلمون حتمًا، فلماذا أقدموا على هذه الحركة؟
3- المرحلة الآن ليست مرحلة (2005-2006) ولا حتى (2014-2015)، بل هي مرحلة التراجع الأميركي، ومرحلة تأديب المحور الخليجي بالباليستي والمُسَيَّرات، ولا يمكن رفع اللهجة بوجه المراقد المقدسة للشيعة بمستواها الأعلى (الهدم)؛ أي المرحلة هذه ماضوية ميتة، فلماذا محاولة ضخ الدم بجسدها الميت الآن؟
4- إنَّ مرحلة التراجع الأميركي تتطلب (الانسحاب التكتيكي) من ميادين غرب آسيا، وأحيانًا نشاهد بدء معركة في ميدان ما، لكنها ليست هجومية في واقعها، بل هي معركة لأجل الانسحاب الأخير، وهذا يشمل معارك (المحور الأميركي)، فالمرحلة الآن (مرحلة الانسحاب والانكفاء) ولا تصدقوا أبدًا من يسوِّق أنَّ الأميركي ومحوره سوف يتقدمون في ميدان ضمن أي بقعة في غرب آسيا.
5- الانسحاب التكتيكي مقدمة للانسحاب الإستراتيجي، ومحور المقاومة يفرض على الأميركي ومحوره عملية (غلق الملفات، وتصفير رصيدها)، ومن هذه الملفات في لبنان وسورية وفلسطين واليمن والعراق وإيران على رأسها، نقرأ إطلاق أموال إيران المجمدة في كوريا الجنوبية وبريطانيا وعملية تبادل سجناء، ونقرأ بداية محاسبة رياض سلامة (حاكم مصرف لبنان) وبعض المقربين منه قضائيًا، وزيارات خليجية متبادلة مع سورية برئاسة الأسد، وتخّلي الإمارات عن الحلبوسي، وبلاسخارت عن الكتلة الصدرية، وإدارة بايدن عن بارزاني… وهذه كلها تسمى (غلق ملفات).
6- ماذا فعل الصرخي المرتبط بالمخابرات الخليجية:
أولًا: لم يفجر قنبلة دخانية، ولا عملية تغطية، بل أقدم على عملية (انتحار جماعي).
ثانيًا: نظرًا للمعطيات التي ذكرناها في بداية المقال، فإنَّ كلام الصرخية يُعَدُّ تهديدًا للشيعة في العالم، فهو لا يوصَف قُنبلة دخان!
ثالثًا: الصرخي لم يكن ساذجًا! فهو ابن البيئة والمحيط، ويعلم عظمة بركان عاطفة الشيعة الكامن، القابل للتفجير في أي لحظة خطر تمسّ مقدسات الشيعة!
رابعًا: الذي حصل هو أنَّ الخليج قرر -وأنفُهُ مرغم- أن يغلق ملف الصرخي المرتبط به ويصفره، وهذا المسار منتظم مع المتغيرات التي فرضها محور المقاومة في غرب آسيا.
خامسًا: إنَّ عملية الظهور الإعلامي لجماعته، ودعوتهم الحادة التي تستفز حتى أطفال الشيعة، ومظهر جماعته الجديد الشاذ عن مسرح المنبر المتعارف في العراق مظهراً وعمراً هذه كلها عوامل تشير إلى أنَّ الصرخي يطلب تصفية حركته، واقتلاعها من جذورها اقتلاعًا أبديًّا، وإنهاء وجودها الذي صار عبئاً على الخليج؛ لئلا تقوم لها قائمة بعدها.
والحمد لله ربِّ العالمين
https://telegram.me/buratha