كوثر العزاوي ||
وماتزال بعض الأرواح تغدق عطاءًا وتجود بما لديها من غالٍ حتى يصل الجود بالدم والنفس،لتصبح مصداقًا واقعيًا لمعنى{والجود بالنفس أقصى غاية الجود}في وقتٍ مازالت بعض الكلاب السائبة بمظهرٍ آدميّ تطارد تلك الأرواح الباحثة عن الحياة الحقيقية لتنال منها في أسرع وقت لتنهي دورها الذي يسبب لها القلق ويقضّ مضاجعها! غير انّها تجهل معنى أن الروح الحسينية تبقى تقاوم ولاتنهزم، يحدو بها الشوق للشهادة حتى تصل، وماعواء الكلاب خلفها إلّا جرعة تنشيط لمزيد من القوة واليقظة وهي تحث الخطى أمامها مراهِنة غير مستسلمة حتى أعيى ثباتها وصمودهاالمنافقين وتاهَ في طريقها الضالين!! اولئك الشهداء لايهمهم متى وكيف اللقاء لان نار الشوق الى الله لم تبرح تلازمهم، ولصدقهم يختار لهم المعشوق المطلق أجمل زمان ومكان للعروج وغالبا مايكون السّحر براق عروجهم وساحة الدفاع مطية مسراهم، وماليلة أمس إلّا شاهد على مانقول، عندما مضى شهداء في ليلة القدر غرباءصائمون يذودون عن مقدسات الامة ويدفعون العدو الغاشم في صحراء الأنبار التي لم تفتأ تنبت لنا الحنظل، وتُرينا أبشع صور الغدر والخيانة! ولم نعرف عنها سوى أياما سوداء خلّفت معها حشد من الأرامل واليتامى في كل منطقة من مناطق العراق الجريح،وهذايكشف عن عِظَم ماقدموا أولئك الشهداء للقضية الإسلامية فداءً لنهج آل محمد "عليهم السلام"على مدى عشرات السنين، حيث جادوا بأنفسهم وضحّوا بعوائلهم، صادقين بما عاهدوا الله عليه، وبفضل ثباتهم وعدم استسلامهم لاللدنيا ولا للعدو لهو أعظم شاهد على اخلاصهم ودفاعهم عن الحق ليكونوامصداقا لمعاني الخلود!، فأيّة كرامة لهم حتى أن الله هو من يختار لهم الزمان والمكان لعروج أرواحهم!!
ومن هنا كان لشهداء العراق من الحشد المقدس عمومًا الأثر الواضح قولا وفعلا، وبدمائهم تحقق الكثير من عمليات الدفاع لصد وحوش داعش الإرهابي في مناطق كثيرة وبفضل دفاعهم حُفظت أعراض وتحررت أراضِ وبقاع في بلد المقدسات! وهذا هو الاثر الايجابي للشهيد الذي بدمائه اضاء للأمة دربها وانار حياتها، ولا شك ان من يثبّت قيم الشهادة ويرسخها في الامة لابد أن يحظى منها بأعظم اهتمام ورعاية،ولكن مايدمي قلب الغيور ويريق دمع الثكلى، موت الضمائر لبني جلدتهم وقبولهم الظلم والظالمين،فضلًا عمن يتاجر بدمائهم ويصادر تضحياتهم جهارًا نهارًا وبكل وقاحة وصفاقة تراهم يطالبون القضاء العراقي بالسماح للمطلوبين بالعودة لمن هم الأبرز لدعم الإرهاب بل هم المجرمين والقتلة ودواعش السياسة الذين يرومون العودة من أجل الزعامة والسلطان والجاه والحصول على حطام الدنيا والتمكين من رقاب المستضعفين!! ولكن الله لهم بالمرصاد، وستبقى دماءالشهداء كما في حياتهم حرزًا يصد عن البلاد والامة شر الاشرار حماية للدين والأهداف!!فالشعوب هي التي تحقق اهدافها بتضحيات ابنائها،وبذلك يتحول هؤلاء رموزًا للبطولة والانسانية ومعاني سامية للقيم الاخلاقية ومصاديق لما أخبر الله عزوجل عبر آيات القرآن الكريم:
{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِه وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}التوبة ١١١
٢٣رمضان١٤٤٣هج
٢٥-٤-٢٠٢٢م
https://telegram.me/buratha