كوثر العزاوي ||
ثمة جوهرة ثمينة تميز بها ابن آدم خلاف كل المخلوقات الذي قام عليها الوجود، تلك المزية التي ملّكها الله"عزوجل"للإنسان هي"العقل" ومنها رشحات نعمة إمداده بالادراك والفطنة، وبتميزه عن الحيونات وباقي المخلوقات تراه قادرًا في البحث والنظر في نفسه والتأمل فيما يحيط به من ملكوت السماوات والأرض، فينمو شعوره الفطري ويمتلئ قلبه بنور الإيمان، فيسلك السبيل الواضح الذي لا غموض فيه ولا التواء، وذلك السبيل الآمن الذي يوفر الاطمئنان والراحة، وهو سبيل الحياة الطيبة، والسعادة النفسية الراضية،وفي ذات الوقت هو قادر ليصل ببحثه ونظره إلى معرفة أسرار الكون، وما أودع فيه من وسائل التقدم، ومواد العمارة لهذه الأرض التي جعله الله خليفة فيها وسيدًا للمخلوقات.
{..هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} هود ٦١
ورغم ذلك وهو الخليفة الذي بيده عمارة الأرض، نجد الأوهام التي تتملّكه في أوقات غفلته لتبعده عن فهم واقع تكليفه ومالَهُ وماعليه! وقد جعل على عقله حجابًا كثيفًا منعه من التوجه إلى هذا الكون وخوض غماره والارتقاء إلى مدارج الكمال،وبدل أن يسمو تراه قد ربط نفسه بالخرافات والأوهام، فأفرغَ عقله من التأمل والإدراك ونور الفطرة، لتراه منقادًا لما لاينفع ولايقرّب من الصواب والحكمة فيخرج عن دائرة آدميته ويظل يدور حول نفسه،لا يعرف في الحياة إلا ما يلبي غرائزه الحيوانية وميوله النفسية الفاسدة، ورغم أن الحياة ملأى بالعبر والعِظات من خلال ما نشاهد العالم وهو يزخر بالحروب والمآسي وحوادث كارثية طبيعية وسياسية وأمنية وغير ذلك!! ولكن كم نملك نسبة من الاعتبار الذي يفضي إلى أخذ الدرس الباعث على اليقظة والبصيرة ليجعلنا نتمسك بما منحنا الله من نِعَم ووسائل الوصول إليه التي تجعلنا في خندق واحد للتمهيدلقائم آل محمد عليهم السلام عبر خدمة المجتمع والمذهب من حيث وحدة الكلمة ورصّ الصف وشدّ الأزر والحب في الله وتوطين النفس على نبذ الأنانية والإخلاص في الحركة نحو الله!!! ولكنّ القلوب إذا قست أضاعت البوصلة ولم تستقبل الصواب،فماعلينا إلّا السعي بإخلاص لنجلو صدأ القلوب بالحق والاستغفار والعبادة للواحد القهار حتى نتمكن من الاعتبار، فالمؤمن شأنه الأنشغال بالعبرة والتفكّر، والمنافق مشغول بالحرص وطول الأمل، هذا اذا قررنا الإقبال على الله مخلصين لخوض غمار جهاد التبيين وحماية المنظومة الرسالية وخدمة المشروع المهدوي الذي بات هدفًا خطيرًا من قبل الماسونية المقيتة والإستكبار العالمي بتحريك حربهم الناعمة المتنوعة،وتشغيل مشروع الذكاء الصناعي الذي يسعى إلى تذويب العقول البشرية باستهداف المنظومة القيمية والعقائدية لشبابنا والأجيال!! ومن جال بفكره الحُرّ وجد ربّه وعرفه، ورسخ إيمانه وزاد يقينه،وهنا تتجلى حاجة الإنسان إلى الاستقامة.
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}فصلت ٣٠
٢٤رمضان١٤٤٣هج
٢٦-٤-٢٠٢٢م