كوثر هادي ||
إعتادا التحاور بشأن قضايا شتى وفي كل مرة يتعثران في الوصول لبعضهما، وفي كل حوار يعجزا عن إدراك مرادهما، لم تكن لتفرّط به إلّا لأنه لم يكن يجيد الاحتفاظ بها! ماكانت تملك سوى آمالًا تراكمت وأحلامًا بانتظار نقطة الانطلاق مع يدٍ بيضاء تمسح أدران حرمانها لتأخذ بمجامع شوقها نحو المطلق، ومن هنا لااحد يفقهُ باطنها وفي كل مرة تتعثر بصمتها وحيائها ومع كل عثرة "وداعا"وغياب حتى تعبت من الهوان، وأُرهِقَت من الردع والصدع، فآلت على نفسها إلّا التواري والغياب وفي كل لحظة شوق وضعف، تراودها تساؤلات لتقتحم حاجز خلوتها وتداهم حدّ هدؤها..ترى!!
لماذا نرى مسار معايير السلامة تنعطف باتجاه أصحاب الدنيا ومَن هم متنعّمون ولاهدف لهم في الحياة سوى ماينسجم مع رغباتهم وسدّ منافذ جوعهم من مختلف الشهوات؟!! ولماذا نرى من يزهدون بلذائذ الحياة لتحصيل الصفاء الباطني هم عرضة للتهكّم والتّهمِ والاستغراب؟! ولماذا يتعرض أصحاب التضحيات لسوء الفهم حينمايتنازلون عن متاعهم للآخرين! فقط كي يحافظوا على ماغِنموا من التقوى وحتى لايعرّضوا من أحبّوا إلى زعزعة ماانعم الله عليهم من نسبةأستقرار؟ولماذا الأنبهار بعوالم الافتراض دون الحقيقة! ولِمَ الثناء على من ينمِّقوا العبارات والانحناء لرشيقي الألفاظ؟!
هكذا اخذت الحق لتتساءل وتستفهم والقلب يقطر وجعًا وهي التواقة للحب والعطاء والبساطة، وكم فرِحت يوم ظنت انهااقتربت من الصّاعدين إلى القمم، أولئك الذين لايضيرهم وعورة الطريق ولاكثرة المطبات والحُفر ، لأن الغايات عادة تهزء بالصعوبات، ومهما يكن في الطريق من أذى في سبيل الغاية الأسمى حتما يكون مستعذبا حتى وإن آذى وأوجَعَ وأحزَنَ!! ولكن بعد أن ودّعها مائة مرة وفي كل مرة يموت فيها جزء، قررت تدارك بقايا آدميتها لتقهر المُلك بالملكوت لعلها تنفتح لذائقتها منافذ لذائذ المعنويات حتى تضمن قوة الروح الذي اؤتُمِنَت عليها وكلما تتعقّد الأمور وتتشابك في بعضها البعض وتصل إلى مرحلة العجز والإخفاق بل وخطورة المآلات يأتيها تدبير الله ليغمرها عطفًا وينتشلها من وحل التخبّطات فهذا هو شأن الله الرؤوف مع من يتجرع الغربة وحيدًا في دار الدنيا، وكلما ابتعد عنه أرجَعَهُ إليه كالعبد الآبق، وهذا غاية الرفق والأحسان.
٢٨رمضان١٤٤٣هج
٣٠-٤-٢٠٢٢م
https://telegram.me/buratha