كوثر العزاوي ||
بعض الرحيل نختاره، وبعض الرحيل نُجبَر عليه! أما مايخص شهر الله فلعل الرحيل عنه يأتي بثقل الجبال! نمضي عنه بخُطى متثاقلة و كأننا نجرّ العالم بأكملهِ خلفنا، مودّعين الجمال والصفاء،والراحة والاطمئنان والسكينة، فكلما تقدّمنا خطوة نلتفت للوراء قليلاً حيث فضاء الملكوت مازال مزدهرًا بنشر مستلزمات الضيافة ومن ورائها مغانم كثيرة، أحلامٌ وأرواح مُعلّقة بأوتاد عزّ بارئها، وكأن لطفه"تعالى ذكره"مازال يداعب ارواحنا وبعطفٍ يشير إلينا بانتهاء المدة وانقضاء العِدّة!! غير أن يقيننا بيد العناية الحنون سوف لن تغادر قلوبنا ولم تفتأ تناغمنا ولن تبارحنا رغم جحودنا وغفلتنا وعودتنا إلى عالم الشهوات!!، وها نحن نجد أنفسنا مضطرين وفي مواجهة واقعية مع الرحيل، ولابد من الإذعان وفق قرار السماء، وها نحن مع اليلة الأولى من شوال وقد حططنا حقائبنا الملأى بالكثير من عطر أيام الله إلزاكية،ومازال الشعور محلّقًا إلّا أن داعيَ البصيرة يدعونابمصاعفة الجدّ وبالغ الحرص وجهد الاستطاعة، بالاحتفاظ بتفاصيل خاصة انغمسنا فيها ومعها، وعلى حدّ اعتقادنا أن الأيام الآتية بعد رحيل شهر الله عنا إنما هي ايام الانتقام التي تعدّها الشياطين عادة لتجاهد بسلاح حقدها على عباد الله لتقوم بمصادرة مكتسباته الروحية والمعنوية حتى تعيده إلى نقطة الصفر كما قبل دخوله برج الحصانة الذي شيدته الملائكة لاستضافته والإقامة في صروحٍ تحرسها الملائكة آمنين منعّمين، ورغم اللوعة ووجع الرحيل، ينبغي ومن هذه الليلة إعلان حالة الطوارئ ونحن عائدين من محطة التوديع وحيث الشياطين نصبت الفخاخ على طول الطريق لسنة قادمة، فالله الله بحماية الأنفس والتركيز على نقاط ضعفها، وكل انسان لابد أنه يحيط علما بما يوقعه نتيجة الضعف بمعنى هو خبير بنقاط ضعفه، وشغل الشيطان كما نعلم هو استهداف نقاط الضعف في الانسان بعد التخطيط عليها بمعونة اداوته المتنوعة، فإذا شاء المؤمن أن لايُغلَب وإن لايخسر هداياه وغنائمه، فما عليه إلا تشييد أبراج الحيطة والحذر والتنازل عن محطات الضعة والهوان، إضافة إلى رفع منسوب المراقبة،كمن يكون على موعد مع هجوم للعدو ولابد له من المقاومة بإعداد العدة والعدد والصدّ عن هباتهِ وماكسب من خير وفير!!
اللهم أعنّا على أنفسنا وادحض شياطين الإنس والجن عن مكتسباتنا انك سميع مجيب
ليلةالأول من شوال١٤٤٣هج
٢-٥-٢٠٠٢٢م