جمعة العطواني *||
*مركز افق للدراسات والتحليل السياسي
بين يوم واخر تصدر كتلتا الاطار التنسيقي والتيارالصدري مبادرة يقال انها تمثل ( حلا ) للانغلاق السياسي الذي تمر به العملية السياسية والتي مر عليها ما يقارب سبعة اشهر، لكن جميع هذه المبادرات لم تجد طريقها الى قناعات اغلب القوى السياسة ، او بصورة ادق، لم تجد طريقها الى قناعات زعامات الاطار والسيد مقتدى الصدر لماذا؟.
رغم تقديرنا للنوايا الصادقة لاصحاب تلك المبادرات ،وحرصهم على ايجاد مخرج لهذا الانغلاق السياسي، الا انها لم تزد زعامات الاطار والتيار الا بعدا، لسبب بسيط وهو انها لم تعالج ( جذر المشكلة) التي حصل بسببها الانغلاق السياسي .
· فما هو جذر المشكلة ؟.
ان جذر المشكلة يكمن داخل زعامات التيار والاطار حصرا، ففيما يتعلق بالسيد مقتدى الصدر، وبغض النظر عن النوايا التي يحملها في اصراره على ابعاد اطراف محددة من الاطار ، الا ان( قبليات) الازمة تجعلنا نقرا هذه النوايا قراءة سياسية واجتماعية تحليلية وهي:
ان السيد مقتدى يشعر بحصوله على اعلى المقاعد في كل تجربته السياسية، وهي اعلى من كل القوى السياسية ( منفردة)، فتجعله يشعر بان الفرصة السياسية متاحة له ليتزعم المكون الشيعي ( سياسيا)، وبخاصة بعد اعتزال المرجعية الدينية من التدخل بتفاصيل العمل السياسي، فهو رجل الدين الوحيد الذي يمتلك ارثا عائليا مرجعيا، وفي الوقت نفسه يمتلك مقاعد اكثر من الباقين ، فاي فرصة اكثر من هذه؟.
لكنه بالمقابل يشعر بان هناك زعامات سياسية لا زالت تقف عائقا دون انسيابية زعامته هذه، وهذه الزعامة متمثلة بالسيد المالكي الذي يحظى بمقبولية سياسية واجتماعية رغم ابتعاده عن رئاسة الوزراء لدورتين، وابتعاد اهم قيادات حزب الدعوة عنه خلال المدة الماضية ، وهو الخصم السياسي المعروف للسيد مقتدى الصدر بلا منافس اخر.
وقد يقول قائل :ان بقية الزعامات ليست اقل خصومة من السيد المالكي، نقول : ان اغلب زعامات الاطار رغم تاريخها الكبير في الجهاد ضد البعث او الاحتلال ، وبعضها يمتلك ارثا مرجعيا ضخما مثل السيد عمار الحكيم ، الا ان خسارة هذه الزعامات السياسية لاغلب مقاعدها من جهة ، ووجود تناغم وتحالف( سابق) من بعضها مع السيد مقتدى، او استخدام سياسة (المرونة )السياسية لاحتواء السيد مقتدى تجعله يتعامل معها في المرحلة الراهنة على اساس الاحتواء من قبله ، كيف؟.
حصول احزاب كتل الاطار على مقاعد قليلة قياسا للرقم البرلماني الذي حصل عليه السيد مقتدى تعيطه الفرصة الكافية لتحقيق ما يصبو اليه فهو:
من جانب يريد الحصول على اكبر كتلة شيعية تحقق له الكتلة الاكبر دستوريا ، حتى لا يقال انه خرج من البيت الشيعي او مزقه، ومن جانب اخر من باب (تحصيل الحاصل) ان يكون هو الزعيم السياسي للبيت الشيعي اذا ما حسبناها حسابات ارقام برلمانية .
السيد مقتدى الصدر يريد ان يتعامل مع القوى الشيعية لا على اساس اطار مقابل تيار ، بل يريد التعامل على اساس تيار مقابل كتلة بدر، وكتلة الحكمة وصادقون وهكذا، كلا على انفراد، ولهذا هو يرفض التفاوض على اساس كتلتين شيعيتين متنافستين، او حتى متحالفتين، وبهذه الطريقة يصبح السيد مقتدى هو الرقم الاصعب في المعادلة الشيعية .
عندما يحقق مقتدى ما يريد من هذا السيناريو سيتوج الزعيم الشيعي الاكبر دون منافس بعد ابعاد اكثر منافسيه خصومة من حيث عدد المقاعد والصلابة السياسية وعدم المرونة وهو السيد المالكي .
يمكن ان نخلص من هذه المقدمة الى قضية واحدة ثابتة غير قابلة للتفاوض وهي( االثابت لدى مقتدى هو زعامة البيت الشيعي)، وهذه الزعامة قد حان وقتها وليس من المتوقع ان تتكرر في التجارب الانتخابية القادمة بالضرورة، وشعاره ( اغتنموا الفرص فانها تمر مر السحاب) وما عدا ذلك تفاصيل.
ولهذا لاسبب ايضا نرى اصرار السيد مقتدى على تحويل التحالف الثلاثي الى كتلة (وطنية) اكبر ، لانها تحقق له الثابت الذي يتحرك على ضوئه، واذا قبلت زعامات الاطار بالتحالف معه ضمن كتلة واحدة من دون السيد المالكي لتشكيل كتلة اكبر سيقبل بلا تردد ، لانها ستحقق نفس الهدف الي يحققه له التحالف الثلاثي، لكن هذه المرة اكثر استقرارا واقرب الى الزعامة الحقيقية للشيعة( سياسيا).
من يقرا دعوات السيد مقتدى الصدر الى كل القوى السياسية باستثناء السيد المالكي وكتلته يشعر الى حد القطع ان شعار ( الاغلبية الوطنية) ليست في وارد حساباته السياسية ، لانها تصبح( سالبة بانتفا الموضوع). فلا معارضة عند ذلك حقيقية وقوية داخل البرلمان باستثناء 35 مقعدا حصة دولة القانون .
· مبادرات الاطار.
اما فيما يتعلق بمبادرات الاطار وهي كثيرة وتحاول ان تجد حلا حقيقيا بنوايا صادقة ومخلصة الا انها بعيدة عن جذر المشكلة التي يتحرك بها السيد مقتدى من جهة ، ومتناقضة احيانا في داخلها .]
تتكرر دعوات الاطار في تلك المبادرات الى (رفض اي اقصاء لطرف سياسي يريد المشاركة في الحكومة، وعدم فرض اية مشاركة على طرف يريد الذهاب الى المعارضة).
وهذه خطوة جيدة من حيث المبدا، لكن زعامات الاطار يرفضون ان يذهب التيار الصدري الى المعارضة ، بل ويفرضون عليه المشاركة في الحكومة ( رغم اتفاقنا معهم في عواقب الامور التي يخشونها)، لكننا نحاكم مواد المبادرات من حيث المبدا ايضا.
بينما التيار اكثر صراحة من الاطار في اعلانه عدم القبول بالتحالف مع الاطار مجتمعين ، وهو على استعداد للذهاب بعيدا اذا تحقق الهدف الذي يصبو اليه.
الغريب في الامر ان زعامات الاطار تعتب على شركاء السيد مقتدى بسبب تحالفهم معه وتقوية شوكته، ويطالبونهم (بعد مبادرة مقتدى باعطائه الفرصة للاطار بعيدا عن التيار خلال المدة الماضية) مطالبتهم شركائه بتركه والتحالف معهم في الوقت الذي ترفض زعامات الاطارنفسها التخلي عن مقتدى الصدر، علما ان حظوظ شركاء السيد مقتدى في الحصول على مصالحهم السياسية مستجابة اكثرمن تحالفهم مع قوى الاطار والاسباب كثيرة لا مجال لذكرها.
· المستقلون وهبات الزعامات .
القضية بدات تاخذ مسارا اخر لا يقل خطورة عن الانسداد الحاصل في العلمية السياسية ، وهذا المسار هو تحويل مجموعة المستقلين الى صناع قرار( بغض النظر عن عدد مقاعدهم )، بل وتحويلهم الى كتلة اكبر من الجميع، الى حد ان الاطار والتيار ( وهبا) منصب رئيس الوزراء الى استحقاق سياسي وانتخابي للمستقلين ، وهو مسار خطير وينبئ بتغيير السياقات الدستورية والاعراف السياسية المتبعة خلال العشرين عاما الماضية .
فالسيد مقتدى على استعداد وكما اعلن في تغريدته لتسيلم رئاسة الوزراء على طبق من ذهب الى المستقلين ( شريطة ابتعادهم عن الاطار) وتشكيل كتلة مستقلة قائمة بذاتها، وقد (نعذر) السيد مقتدى على هذا السينار، وكونه يحقق الثابت الذي يتمحور حوله التيار الصدري، وهو ان المستقلين وان رشحوا مرشحا لرئاسة الوزراء الا انه يبقى اسيرا بارادة ( الزعيم الشيعي الوحيد) في الحكومة وهو السيد مقتدى، فلا تعني لمقتدى الصدر مسميات سياسية بقدر ما تعني له كيفية تحقيق الهدف المنشود ضمن السياقات السياسية بضوء (اللعبة الديموقراطية ).
لكن المشكلة تكمن في زعامات الاطار، فهم ايضا تبرعوا منصب رئيس الوزراء الى المستقلين وهي هبات مجانية ، ولكنهم لا زالوا مصرين على عدم المشاركة في الحكومة من دون التيار الصدري.
بمعنى اخر ان هدف السيد مقتدى هو الزعامة الشيعية وباريحية من اي طرق اتت ، من خلال مشاركة بعض قوى الاطار ، او من خلال مشاركة المستقلين ،
بينما هدف قوى الاطار هو منع المستقلين من التحالف مع التيار الصدري ولو بثمن رئاسة الوزراء ، لكن ايضا عدم القبول بتشكيل الحكومة حتى لو تحالف المستقلون مع الاطار وشكلوا كتلة اكبر ما لم يشارك السيد مقتدى بهذه الحكومة .
بالنتيجة يتحرك التيار الصدري باريحية كبيرة، فخصومه لا يريدون التفريط به ولو تحققت لهم الاغلبية ، وهو ( تواق) للتفريط بهم ، بل ومصر على ذلك .
هناك سؤال من جمهور الاطار،وربما التيار يضا وهو : ان الانتخابات سباق سياسي لتشكيل الحكومة ،وان الجمهور قد شارك من اجل حصول الحزب الذي ينتمي اليه على ادارة السلطة التنفيذية خلال دورات الانتخابات ، وهو اشبه بالعقد الاجتماعي بين الجمهور الزعامات السياسية ، فباي حق تتبرع الزعامات بهذا الاستحقاق الى النواب المستقلين ( مع كامل التقدير لمقامات بعضهم) علما ان قضية المستقلين ومدى انسجاهم في توجهاتهم وامزجتهم هي قضية اخرى تحتاج الى تفصيل مستقبلا.
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha