كوثر العزاوي ||
كلنا يعلم بمستوى تفاهة سياسة المؤسس لموقع فيس بوك(مارك زوكربيرغ) المتعسفة عندما يُفاجِئ أحدنا بحظر حسابه لمجرد التعبير عن إيمانه أو قناعاته بأمرٍ ما في منشور خاص أو عام، بحجة أن مستخدِم فيس بوك يتّبع سلوكًا غير مسموح به وبذلك هو ينتهك معايير المُجتمع!! ترى هل يُلزم مارك عموم العالَم الإسلامي والعربي بمعايير المجتمع الغربي المتحلّل؟ فقط ليكون حسب ازدواجيته مجتمعًا فاضلا!! شاهد الكلام، أن مثل هذا الاسلوب كم يستفز ويُحزِن كثير ممن يبلّغون فكرًا ما عِبر توجيه رسائل إلى المجتمع من منطلق حق الرأي وحرية التعبير ضمن العمل في الساتر الثقافي والأعلامي! هذا على مستوى العلاقات الاجتماعية الجماعية المختلفة،فما ظنك وحجم حزنك بمن يتبع اسلوب الحظر مع صديق او قريب أو حبيب سواء ضمن مجموعة "قناة أو كروب"مع مَن يتفق معهم بالفكر والمبدأ وكثير من القناعات وفي خندق الدفاع عن الحق وخدمة المشروع الديني والعلمي؟! والأنكى من ذلك اسلوب الحظر الخاص لإنسان له مالَه من الخصوصية والمشتركات بعمق العقيدة أو النسب أو علاقة ودٍ بغضّ النظر عن فترة زمنية جمعت بين الحب والقرب والتعاون والبذل وتبادل الرؤى والأفكار لدرجة رفد العملية الرسالية التبليغية بكل ابعادها بما يخدم المرحلة على جميع الصعد الإنسانيةوالأجتماعية!! فهل من يتفق معي بأن اسلوب الحظر هذا ماهو إلّا عملية شلّ لعقل المحبّ وتفكيره ونفسيته وتحطيم معنوياته!! فضلًا عن بث اليأس والاحباط وهو يبحث عن شريكه في منافذ التطبيقات من الواتس إلى تلكرام حتى الماسنجر عسى أن يجد خصمه أو حبيبه أملًا بغفلته نافذة لم يُطالها الحظر؟! إلّا أنه يُكرُّ خائبا مذهولًا،شأنه كمن ذلك المتهم بجرمٍ ما ليجد من يبرر له كي ينصفه!!! فأيّ لعنة هي التكنلوجيا الحديثة وقد حلّت بساحة أصحاب المبادئ والقيم العليا لتفتك بوحدتهم المجتمعية وبعثرة المشاعر الإنسانية والتشكيك بسلامة الهدف والقضية!وغالبا ما تساهم في زعزعة الثقة بالعلاقات النبيلة مايسبب كثير من الأرق والقلق!!فهذا الموقف قد تكرر كثيرًا للاسف! فبدلًا من أن تنتهي العلاقات الحميمة بلقاء فيه من التفاهم والسمو ولغة الحوار الذي أدّبنا عليه قانون السماء ومنهج العترة الطاهرة، أصبحت خير العلاقات في عصرالتكنولوجيا تنتهي بنقرة واحدة لتغلق عليك كل منافذ التواصل والوصول حتى تجد نفسك مطرودًا تلفك مشاعر الخيبة والهوان،حيث لم تتمكن قبل الوداع والحظر من بيان مافي خاطرك، كما تشعر بالحزن لانك لم تعد قادر على الوصول إلى من تحب، وقد تسبب في ضرر نفسي كبير!! ومن هنا لابد من التأمل في دعوة الباري"عزوجل" لنجعل منها منهجًا نربي عليها أنفسنا واجيالنا ولو على حساب الكبرياء، أفضل بكثيرمن أتباع أساليب العصر التي لايُستبعد كونها من أدوات الحرب الناعمةالتي تترك آثارًا سلبية على الصعيد النفسي والمعنوي!، في وقت أكد القرآن الكريم بالصبر على مصاحبة الأخيار والحريصين على دينهم في قوله تعالى:
{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}الكهف ٢٨
كما يؤكد ذلك ماورد عن العترة الطاهرة قول الإمام الصادق "عليه السلام" قال: {اطلبْ مؤاخاة الأتقياء ولو في ظلمات الأرض، وإن أَفنيتَ عمرك في طلبهم فإنّ الله عزّ وجلّ لم يخلق على وجه الأرض أَفضل منهم بعد الأنبياء والأولياء، وما أنعمَ اللهُ على العبد بمثل ما أنعم به من التوفيق بصحبتهم}فأين نحن ياترى!
٤شوال٢٤٤٣هج
٦-٥-٢٠٢٢م