نعيم الهاشمي الخفاجي ||
العلاقات مابين البشرية ليست وليدة اليوم وإنما عبر تاريخ البشرية، حيث كانت العلاقات قائمة بين الدول العظمى مثل الفرس والرومان، رغم التنافس في السيطرة على ضياع الشرق الأوسط واستعباد العرب، كانت لدى العرب دولتين، المناذرة والغساسنة، المناذرة في العراق عاصمتها الحيرة في محافظة النجف الاشرف العراقية، والغساسنة عاصمتها حوران في الشام سوريا الحالية، المناذرة مع الفرس والغساسنة مع الرومان، وإذا ساءت علاقة الفرس والرومان يتقاتل عبيدهم العرب الغساسانيون والمناذريون، لذلك العلاقات ما بين الدول الكبرى تعتبر حالة طبيعية لانه لابد ان يكون هناك تبادل في مجالات التجارة والصناعة، علاقات الإنسان تنشأ في معظمها نتيجة احتكاك وسعي الأفراد أو الجماعات لأجل تحقيق مصالحهم و العلاقات تكون ذات طابع تجاري وسلمي وصداقات، تجد ملك بالشرق يتزوج أخت أو ابنة ملك بجهة الغرب، العلاقات تكون اقتصادية لذلك إذا حاول أحد الأطراف في السيطرة على مصادر الاقتصاد والزراعة يحدث تنافر ما بين الدول الكبرى تكون سببا لجلب التوتر، ويتحول التنافس الاقتصادي ليتحول إلى صراع أو نزاع مسلح، العرب عبر تاريخهم تحكمهم الأمم الأخرى بل ويبادر زعماء العرب على إعطاء الأموال للمحتلين، ابن خلدون تطرق إلى هذه النقطة من مقدّمته العمرانية الشهيرة، [الفصل الثالث والعشرين] ذكر ذلك بـ(فصلٌ في أن المغلوب مولَع أبدًا بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر عوائده) معللاً ذلك بأن النفس أبداً تعتقد الكمال في من غَلَبَها، وانقادت إليه إما لنظره بالكمال بما وَقَر عندها من تعظيمه أو لما تغالَطَ به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنما هو لكمال الغالب، المغلوب يتشبه أبداً بالغالب في ملبسه ومركبه وسلاحه في اتخاذها وأشكالها بل وفي سائر أحواله.
لكن العلاقات ضمن الدين الواحد ومابين الحركات الاممية مثل الشيوعية علاقات روحية من خلال التلاقي في الأفكار والقيم، تجد ملايين المسلمين الشيعة بالهند وباكستان وأفغانستان والصين يتبعون المرجع الشيعي الأعلى في النجف السيد علي السيستاني، وتجد مئات ملايين المسلمين من الهند وباكستان وماليزيا وأفغانستان وجمهوريات آسيا الوسطى وأفريقيا يتبعون مرجعية الأزهر في مصر، وتجد حركة الإخوان المسلمين بمصر والعالم العربي يتبعون فقيه مسلم هندي مثل أبو الحسن الندوي، شيء طبيعي تجد تواصل بين شيعة العراق وإخوانهم في إيران والهند وسوريا والجزائر، وتجد علاقات ما بين سنة العراق وسنة إيران والهند وباكستان والخليج وافريقيا، ما الضير بذلك، الأحزاب الإسلامية الشيعية العراقية تأسست عام ١٩٥٧ اي قبل ثورة الإمام الخميني بأكثر من ٢٢ سنة، الإمام الخميني وصل لحكم إيران عام ١٩٧٩ لذلك حزب الدعوة وبقية الأحزاب الشيعية الأخرى تأسست قبل ثورة الإمام الخميني رض بعقود من الزمان، لكن الإعلام العربي البدوي المهزوم والتابع للقوى المسيطره عليه حسب قول ابن خلدون يحاول ان يتهم مابه من تبعية وانحطاط قيمي وأخلاقي في خدمة المحتلين على الشيعة لأسباب مذهبية واضحة، الأخ الناشط المدني الاستاذ
كريم الكرعاوي كتب بصفحته في تويتر التغريدة التالية(لماذا يعتبر البعض التعاطف مع إيران التي نشترك معها في الدين والجيرة والمباديء والمذهب تبعيا في حين الكثير في بلاد المغرب العربي يتكلمون الفرنسية. بدل العربية وارتباطهم مع فرنسا أكثر حتى من بلدهم رغم ماضيها الاستعماري ولا يعتبر تبعية وفي بلدان الخليج أصبح التعاطف مع اسرائيل اكبر، من التعاطف والارتباط مع الدول العربية ولا يعتبر تبعية وأصبحت العلاقة مع إيران معيبة وشائنة ولكن العلاقة مع أمريكا التي سحقت أكثر من دولة وشعوب وأضاعت كل الحقوق العربية هي مبعث الفخر والتباهي).
أجوبة المعلقين
ايران قوية جدا عقائدية واجتماعية وجغرافية وتاريخية، وقضية التبعية هي قديمة ولم تكن وليدة، اليوم بل هي تاريخية، وهذه الاسطوانه المشروخة تبقى شماعة بائسة لكل من يكره الشيعة وإيران ولم يستطيع احد اسكاتهم، وهم يغضون النظر عن عوراتهم وتبعيتهم واذلالهم في الوقت الحاضر من قبل إسرائيل
معلق آخر، كتب ما يلي، هناك حرب وجودية نصفها مُعلن والنصف الاخر غير مُعلن ضد الشيعه، حرب عقائدية طائفية مقيته يستخدمها السنة بمختلف الوسائل ولعل غزو داعش للعراق الذي جاء بغتة وبهذا الحجم والدعم اللامحدود من بلدان إسلامية وأوروبية كثيرة وخاصة تركيا والسعودية كان أكبر خطرا على على الوجود الشيعي بالعراق لان المستهدف هم الشيعة، وبفضل الله وال البيت اندحر الغزاة وكانت الدولة الوحيدة بالعالم التي ساعدتنا هي ايران ولا زالت إلى اليوم هي الحامية والضامنه للشيعه وخاصة بالعراق ولولاها لكانت هناك الف والف داعش،
الاستاذ الكرعاوي يجب، من الذي أسس تنظيم القاعدة في افغانستان ابان الغزو السوفيتي لتتحول فيما بعد لحركة إرهابية تضرب في كل العالم ومن أسس حركة الشباب في الصومال ومن أسس ومول تنظيم أحرار الشام في لبنان ومن أسس ومول داعش وزودهم بالمركبات الحديثة والسلاح أليس كلها دول عربية، ويضيف
الكرعاوي، تقديم مصلحة أي دولة أجنبية على حساب المصلحة الوطنية يعتبر خيانة انا اتكلم عن اتهام أي مؤيد او متعاطف ببلد ما أو تجربته بدون أن يساوم على بلده اتهامه بالخيانه.
معلق آخر، لقد كانت معركة إيران برة برة معركة اعلامية بامتياز، تم الإعداد لها بشكل دقيق ومركز، وقد نجحت نجاحا كبيرا، وسبب هذا النجاح هو دقة التنفيذ وانضباطيته ومركزيته يقابله فشل وتخبط إعلام وافتقاد المهنية لدى
الطرف الآخر(الأحزاب السياسية الشيعية) واعتماده بشكل كبير
على ما يكتبه المنصفون وهذا غير كافي
وقد تطرقت قبل عامين إلى طريقة
عمل الجهة الإعلامية المهاجمة لإيران
من خلال عمل كروبات مناطقية على
مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا
الفيس بوك، فعندما يستلم مسؤول
الكروب الفديو يقوم ببثه إلى مجموعته
ويطلب منهم بثه فورا ودون تعليق،
تخيل أن فديو مفبرك يتم نشره على
مئات الكروبات، في وقت واحد ماذا سيحصل.
علما ان المشاركين في هذه الكروبات
هم ايضا لهم أصدقاء بالآلاف فكيف
يكون وقع فديو واحد فقط على مئات
آلاف المواطنين ومن مختلف الشرائح،
فكيف إذا تم ضخ عشرات الإشاعات
والفديوهات في وقت واحد، علما
إن هذه العملية تجري بشكل يومي
وبانضباطية عالية.
وبعد متابعة مني وجدت مناطق هذه الكروبات فهي في بغداد كروبات العامرية والجامعة،وحي العدل واليرموك والمنصور، وزيونة وابو غريب والطارمية، أما أدوات تنفيذها فهم رفاق بعثيون سنة، تم توزيعهم على رقع جغرافية وكل واحد مسؤول عن كروب والذي لا يلتزم بذلك يتم إلغاء حسابه فورا يعني تنسيق عالي مع ادارة الفيس
مما أدى إلى اشاعة ثقافة الكراهية
ضد ايران بسرعة وخصوصا في
أوساط الشباب وبالذات الساخطين
على السياسيين الفاسدين من الشيعة
حيث صورهم هذا الإعلام وكأنهم
وكلاء ايران، وان كل شاب عاطل
عن العمل وكل عائلة تعاني الفقر
بسبب إيران. والذي ساعد على ذلك
هو استمرار الفساد والخراب.
بعد أن عرضت تعليقات المعلقين وهم ناس متابعين منهم أساتذة جامعات ومتخصصين، نصل إلى محصلة ان سبب ماحدث من إرهاب بالعراق يعود إلى سبب مذهبي كل القوى الإرهابية التي فجرت وفخخت هم فلول دولة البعث الساقطة من اتباع وانصار صدام الجرذ الهالك من اجهزته البعثية والامنية والاستخباراتية وقوات حرسه الجمهوري والخاص والأمن والتصنيع العسكري وشيوخ العشائر العربية والتركمانية السنية.
العراق يعاني صراع قومي مذهبي منذ يوم ولادته عام ١٩٢١ ولولا هذا الصراع المذهبي لما تم قتل الزعيم عبدالكريم قاسم بسبب تشيعه، الاتهامات بتبعية الشيعة إلى إيران كذبة كبرى، الشيعة يتبعون أئمة آل البيت ع وهم سادة العرب آل محمد الأطهار، الفرس يتبعون أئمة آل البيت ع، بينما المذاهب السنية المتهم فرس ويضاف لهم أئمة الحديث مثل البخاري ومسلم والطبري وابوالفرج الأصفهاني…..الخ كلهم فرس.
موضوع التبعية لدى العرب متأصلة في نفوسهم على عكس الشيعة فهم أصل العروبة و سنام الإسلام، عقدة تبعية العرب للمحتلين لم تكن وليدة اليوم، ابن خلدون تطرق لقضية قبول العرب للمحتلين، لقد رسم ابن خلدون بقانون تقليد الغالب، لقد وضع خارطة معرفية لسير عملية الاقتداء والتقليد والتي تؤدي بالضرورة إلى التماهي والتوحد في سلوك وأفكار وعادات وأسلوب حياة الغالب من خلال المعادلة المعروفة المنتصر هو الذي يصيغ الواقع المفروض على المغلوب وفقاً لقواعد اللعبة، ووفقاً لما تمليه مصالحه الاقتصادية والسياسية والأمنية حتى ولو كانت على حساب المقهورين، والهزيمة في هذا المضمار لا تعني الجانب المادّي فقط وإنما تنساب إلى مختلف الجوانب المعنوية والنفسية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية، بل يقلدون الطرف المسيطر عليهم وينفذ وينفذون أوامره ويقاتلون تحت سلطته ويتآمرون ضد القوى التي يعاديها المحتل لهم، لننظر دول الخليج صنيعة الاستعمار أغرقت الأسواق العالمية بالبترول مدة مائة عام واستمرت بهذه السياسة القذرة إلى عام ٢٠١٩ عندما أصبحت أمريكا تصدر أكثر من ١٢ مليون برميل نفط يوميا، في عام ٢٠١٩ اغرقت السعودية الأسواق العالمية عندما تم الشروع مؤامرة تشرين لاسقاط حكومة عبدالمهدي وتخفيض سعر البترول لخلق مشاكل للحكومة العراقية، لكن تسبب اغراق السوق العالمية بالبترول تسبب في إفلاس مئات شركات البترول الأمريكية لذلك اضطر الحلاب ترامب يتصل في ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأمره في التوقف عن اللعب في أسعار البترول، البترول الخليجي كان يدفع فواتير حروب الناتو الباردة والساخنة، استخدم المال الخليجي والدين الوهابي لمقاتلة السوفيت في افغانستان، المال الخليجي مول حرب الحرب وإيران لاضعاف إيران
والعراق، المال الخليجي دفع فاتورة حرب تحرير الكويت، ومول إسقاط نظام صدام الجرذ، المال الخليجي مول دعم الارهاب بالعراق وسوريا واليمن وليبيا ومصر وتونس والجزائر وافغانستان ….الخ.
في الختام يلتقي الشيعة بالعراق مثل مايلتقي الكوردي السني مع ايران، ومثل ما يلتقي السني البعثي مع الوهابي السعودي، ومثل مايلتقي بعض مشايخ سنة العراق مع مشيخة الازهر، أو يلتقي شيوخ مصريين مع جامعة أبو حنيفة في العراق، الالتقاء شيء طبيعي فلماذا حلال على السنة وحرام على الشيعي ان تكون لديه علاقة روحية مع الشيعي الإيراني، في الختام العراق يعاني من صراع قومي مذهبي ولولا هذا الصراع لما سالت دماء شعب العراق وسرقت وبددت ثرواته منذ مائة عام، لذلك لا حلول واقعية بالعراق بدون إيجاد حل ينهي الصراع القومي والمذهبي والذي هو أس البلاء، الذي ينكر وجود هذا الصراع فهو غبي أو متغابي ولايريد إنهاء الصراعات والحروب وليعيش الجميع بسلام وأمن ويحب السني والكوردي والشيعي بعضهم البعض الآخر، نعم عامة الناس ترغب في العيش المشترك لكن المشاكل تؤجج لأسباب سياسية بالدرجة الأولى.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
7/5/2022
https://telegram.me/buratha