كوثر العزاوي ||
إن ذكرى الثامن من شوال، هي في الواقع ذكرى الجريمة النكراء التي وُلدت من رَحِم الطائفية وأصلاب الوهابية ونفّذت بأيدي جيل رُضِعوا من ثدي الحقد والكراهية والبغضاء لذوي القربى من آل محمد"عليهم السلام" تحت ظلال السقيفة الذي امتدَّ حَمأ جذورها إلى يومنا هذا في أعماق صروح بني سعود العاجية، فكانوا بئس الخلف لأقذر سلف حينما نفذوا عملية هدم قبور أئمة البقيع لمرّتين الأولى ١٢٢٠ للهجرة والثانية ١٣٤٤ هجرية وبقيت الى يومنا هذا، فقد تمّ ذلك الاعتداء، عندما سيطروا بني سعود على المدينة المنورة فاستباحوا كل مقدس فيها وعاثوا في أرضها فسادًا وهدمًا وتخريبًا، مما أثار
هذا الفعل الشنيع والاعتداء السافر غضب المنصفين في أغلب البلدان الإسلامية لتمتد جذور الغضب جيل بعد جيل،حتى تحولت إلى سنّة إحياء في كل عام تحت عنوان "جريمة هدم قبور البقيع" وذلك بإقامة مجالس العزاء وعقد الندوات والمؤتمرات وتنظيم الوقفات الاحتجاجية من قبل الموالين بمختلف الفئآت والمقامات الدينية والسياسية وعلى مستوى الكتّاب والادباء والمثقّفين، وعلى وجه الخصوص أتباع آل محمد "عليهم السلام" والموالين لهم والمنتهجين نهجهم المحمديّ الأصيل، فلأرض البقيع شأن عظيم لم يقتصر على كونه محل دفن ظاهري المعنى! كلا والف كلا! فترابُهُ قد امتزج بجسد العصمة لأربعة من أئمة الهدى الطاهرين وهم لحم ودم جسد رسول الله وابنته الطاهرة الزهراء وجسد عليّ"عليهم جميعا سلام الله" وزيادة على ذلك أنّ تراب البقيع قد ضمّ رفات أجسادٍ لشهداء الإسلام وأولاد النبيّ وزوجاته والكثير من الأصحاب والانصار والسادة الهاشميين!! فهل من الترف أن يتحدث نبي الرحمة "صلى الله عليه وآله وسلم" عن بقعة احتضنت الأصول والفروع لنجوم اضاءت التاريخ الإسلامي الذي هو عزة المسلمين وأثر كرامتهم!! ويوم تجاسرت يد الغدر والخيانة أرض البقيع بمحاولة درسها وإخفائها، إنما في الواقع قد طالت روضة ومقبرة اختارها الله تعالى وأمر نبيّه باتخاذها مدفنًا للأولياء! وهذا ماأكدته الروايات التي هي الشاهد والدليل، كما جاء في المستدرك للنيسابوريّ: "كان رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" يرتاد لأصحابه مقبرة يُدفنون فيها، فكان قد طلب نواحي المدينة وأطرافها، ثمّ قال: أُمرت بهذا الموضع؛ وأشار إلى "البقيع"! ومن هنا يزداد الحرص واليقين بأنّ البقيع مكانًا اختاره الله "سبحانه وتعالى" بقرينة قوله "صلى الله عليه وآله وسلم" "أُمرت" وعلاوة على ذلك فأنها تَعدُّ قطعة من الجنة، ومن فضائلها أيضا" أنّ الله سبحانه وتعالى سيبعث منها -ارض البقيع- يوم القيامة سبعين ألفًا، وجوههم كالقمر ليلة البدر، يدخلون الجنّة بغير حساب، فهل
بعد هذه المعصية من توبة!!
ومن هذا المنطلق، نستطيع أن ُنقدّر حجم الجريمة الكبرى التي أقدم عليها الوهابية أحفاد السقيفة، ومازالوا الى يومنا هذا يحرضون ويبثون سمومهم عبر منهاهجهم ومنابر الباطل والإعلام المضلّل الذي يدعو إزالة هذا المَعْلَم الإسلامي التاريخي المقدّس ولو تمكّنوا لازالوا قبر النبيّ الذي يزعمون انه نبيّهم وهم عن منهجه ووصاياه معرضون. وهيهات لهم ولِما يخطّطون وقد أذِن اللهُ لبيوت الانبياء والاوصياء والصالحين أن تُرفَع ويُذكر فيها اسمه ويسبّح له فيها بالغدوّ والآصال حتى يوم ظهور قائم آل محمد والآخذ بثأرهم والمحيي معالم الدين وأهله، والقضاء على الفكر الوهابي المتحجر.
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}البقرة ١١٤
٨شوال ١٤٤٣هج
١٠-٥-٢٠٢٢م
https://telegram.me/buratha