علي حسين الاشرفي ||
لا يخفى على الجميع، ما فعله داعش، بمراقد الأولياء، والصالحين، وحتى الأنبياء، من هدم وتفجير في كل المناطق التي سيطر عليها، في العراق وسوريا، فهل هذه الحالة هي الأولى بالتاريخ؟ أم أن هنالك جذور تاريخية لهذه الحادثة؟
قبل 200 عام من الزمن، أحتل المقبور سعود بن عبد العزيز وجيشه الوهابي، المدينة المنورة، فبعد ان قتل كل من اعترض على دخوله وسماهم بالناكثين، ارسل الى خدمة قبر النبي ( صلى الله عليه واله ) فقال أريد منكم الدلالة على خزائن النبي، فقالوا لا نوليك عليها، ولا نسلطك، فأمر بضربهم، وحبسهم حتىٰ اضطروا إلى الإجابة، فدلوه علىٰ بعض من ذلك فأخذ كل ما فيها. وكان فيها من النقود ما لا يحصى، وفيها تاج كسرى، الذي حصل عليه المسلمون لما فُتحت المدائن، وفيها سيف هارون، وعقد كان لزبيدة بنت مروان زوجته، وفيها تحف غريبة من جملة ما أرسله سلاطين الهند تزينا لقبة مرقد النبي الاكرم، وقناديل الذهب، وغيرها من الجواهر الثمينة.
ولى احد عماله على المدينة، وتوجه الى نجد، فأمر بتهديم كل القباب فيها.
سرعان ما تصاعدت وتيرة الغضب، في اغلب الدول الاسلامية، مطالبين تحرير الاماكن المقدسة، من آل سعود، واعادة الهيبة والاحترام لها، كما كانت.
شجعت هذا الاحتجاجات الدولة العثمانية، على التوجه لتحرير الحجاز، فتم تحريرها واعادة بناء المراقد الطاهرة، ونصب القباب والمنائر الشامخة، واعادوا اعمار الحجاز بكامله، حتى طلبت الفتوى من علماء المدينة، حول بناء القبور، والتبرك بها، فلم يبتوا بالامر، حتى تم تهديدهم، ليوافقوا على فتوى معدة من قبل الوهابيين، ويتبنوها كأنها صادرة منهم.
بعد هذا الإفتاء قام ابن سعود وبالتعاون مع بريطانيا بالقضاء على الدولة العثمانية والسيطرة عليها، ثم دخل المدينة المنورة وقام بمجزرة دموية قتل فيها النساء والرجال والأطفال وعدد كبير من رجال الدين.
في الثامن من شهر شوال عام (1344 هـ) توجهوا مرةً أخرى إلى قبور البقيع فهدموا قبابها والأضرحة والمساجد بصورة كاملة وبالوقت نفسه توجهوا إلى قبر الرسول ( صلى الله عليه واله ) محاولين هدمه لولا ردود الأفعال التي حصلت من خلال المظاهرات والاستنكارات في الدول الإسلامية والعربية.
ليأتي بعدهم بما يقارب المئة سنة، داعش التكفيري، وبنفس الفتاوى الوهابية، ليكمل المسيرة، ويفجر مراقد الانبياء، والصالحين، في سوريا والعراق، من خلال سيطرتهم على بعض المناطق، فسرعان ما هب ابناء علي ابن ابي طالب عليه السلام، تلبية لفتوى الجهاد المقدسة، ويحرروا الارض، من سيطرة الدواعش.
المسيرة لم تنتهِ، بل قبل ايام، عاد الينا خليفة محمد بن عبد الوهاب، المتمرجع الصرخي، ومن خلال مجموعة من المراهقين، نصبهم خطباء جمعة، في مناطق متفرقة من العراق، بالمطالبة بهدم المراقد الطاهرة، مدعياً بأنها باب من ابواب الشرك، فما اشبه اليوم بالامس، وما اشبه الوهابيين بداعش، وما اشبه الصرخي بأبن عبد الوهاب.
لكن القوة الحيدرية، كلما تقدم بها الزمن، زادت قوتها، وارتفعت شكيمتها، وتوحدت كلمتها، وسيعلم آل سعود وصرخيهم، واتباع الحضن العربي، أي منقلب ينقلبون.
https://telegram.me/buratha