محمد شريف أبو ميسم ||
ثمة سؤال تفرضه ظاهرة معارض الخدمات المصرفية التي تكررت في الآونة الأخيرة بشكل لافت، مفاده هل ينتفع الجمهور من إقامة هذه المعارض في سياق أولويات الصناعة المصرفية في العراق قدر حاجته للحصول على خدمات مصرفية متطورة بما ينسجم ومعايير الجودة في نوع الخدمة وعدد الفروع إذ يعد وجود فرع مصرفي لكل 40 ألف مواطن معيارا عالميا؟.
والجواب هنا لا يلغي أهمية وجود مثل هذه المعارض في إطار العمل ببرنامج الشمول المالي، بهدف رفع الوعي المصرفي لدى الجمهور والترويج لخدمات المصارف في الساحة التنافسية، إذ تشكل التظاهرات الاقتصادية والمهرجانات والمعارض أحد أهم أدوات الترويج في عموم دول العالم التي استطاعت أن ترتقي بالصناعة المصرفية الى مستوى الوصول بالخدمة الى منازل الجمهور عبر التطبيقات المصرفية على مواقع الانترنت وبنك الهاتف النقال.
بيد أنَّ الحديث هنا عن معارض الخدمات المصرفية ذو صلة مباشرة بالدول التي استطاعت أن ترتقي بقطاعاتها المصرفية حد التماهي مع الصناعة المصرفية العالمية، فيما نحتاج في بلدنا لجهود كبيرة ومستدامة وعلى محاور متعددة يأتي في مقدمتها ادخال التقانات ورفع كفاءة العاملين وتأهيل القيادات الوسطى والمتقدمة فضلا عن أهمية تعزيز المواقف المالية والتوسع الأفقي في ايصال الخدمات، باتجاه تكريس أولويات إعادة ثقة الجمهور بالقطاع المصرفي العراقي، وصولا لسحب الكتلة النقدية المكتنزة في هذا الوقت تحديدا، وتدويرها في الساحة المصرفية بهدف خلق تنمية مستدامة.
وهذه الأهداف تقتضي، وبالضرورة، الوصول بالخدمات المصرفية الى كل الفئات المجتمعية في أبعد نقطة جغرافية داخل حدود الدولة، وتشجيع كل الفئات العمرية بهدف فتح الحسابات المصرفية لها، والخروج من فكرة عدم الجدوى الاقتصادية من المناطق الفقيرة، إذ إن القاعدة الأساسية للثقافة المصرفية لا يمكن تجزئتها تبعا لمناطق الفقر والغنى، في بلد تتشابك به الطبقة الوسطى مع الطبقة الفقيرة في كثير من المناطق الجغرافية.
في حين تعاني أغلب المدن الحديثة من انعدام وجود المصارف فيها، كما في مدن البناء العمودي على أطراف بغداد. والأولى أن تنفق المصارف أموالها على فتح فروع جديدة في هذه المناطق. وأن تعي إداراتها أن الانفاق على المعارض (التي لن تنتهي مع زيادة أعداد الشركات في القطاع الجديد على العراق) مع كل دعوة توجه للإدارات قد يشكل في مجموعه على مدار عام أموالا يمكن تحسين الخدمة فيها داخل الفروع العاملة، والتي يعاني البعض منها من التردي في قاعات الانتظار في ظل تزاحم يتكرر يوميا، آملين أن تتخذ إدارات المصارف إجراءاتها للحد من تذمّر الجمهور من دون التذرع بعدم توفر التخصيصات المالية.
https://telegram.me/buratha