مجيد الطائي ||
كانت أمي رحمها الله ويرحم موتاكم تترصدني وتذكرني دائما بهويتي كل يوم كلما أهم بالخروج من البيت وصار بشكل أكثر تشديدا وحرصاً بعد أن تم إعتقال أخي الشهيد محمد حبيب بتهمة الإنتماء لحزب الدعوة ( العميل كما كان البعثيون لعنهم الله ينبزونا بها ) وبعده تم إعتقال أخي الأكبر الشهيد علي حبيب بنفس التهمة والبهتان.
وكانت أمي تقولها لي بصيغ متعددة فكانت تناديني وبكل أحرف التوكيد ووسائل الإيضاح
- يمه هويتك
- يمه هويتك لا تنساها
- يمه هويتك لا تضيعها
ودير بالك على هويتك و هلم جرا للتأكيد ..
• اي أمي أعرف حفظت الدرس ما يحتاج توصيني كل يوم
- يمه ما بي حيل أتحمل بعد واحد منكم يروح وتبدأ بهوايتها المعتادة في النعي والندب والبكاء
وبعدها صرت أنا أروح للوالدة وأردد معها يمه هويتك يمه لاتضيعها وضحكنا ضحك طفلين معاً . الله يرحمك يا أمي
وأخرج أحيانا وأردد أو أدندن مع نفسي يمه هويتك لا تنساها يمه هويتك لا تضيعها وبألحان مختلفة وقد ينتبه عليّ من يجلس بجنبي في الكوستر فأسكت وأنا محرج فماذا عساه يتصورني وأحاول أن أبدو طبيعيا من إرتباكي. وأحيانا تستوقفنا سيارة الإنضباط العسكري وعناصرها ببيرياتهم الحمراء الصارخة وشواربهم الغليظة وجهلهم المرعب وكأنك ترى قلوبهم وقد نزعت منها الرحمة وأخواتها كلهن. وأدعو لأمي بعد أن أستذكر بركة وصاياها التي كنت قد عاتبتها عليها مرة .
وبعد التي واللتيا صرت أستذكر وصية أمي بشكل مختلف ومعنى أعمق من بطاقتي الشخصية وكأني أعتقد جازماً كأنها كانت بعفويتها توصيني أن لا أفقد هويتي فيما أؤمن به وأعتقده وأن الهوية هي المحور أو القطب الذي يدور حوله كل شي قد تنشغل بأمور الحياة أو بشئً ما ، أو قد ترتكب ذنباً يخالف قناعاتك لكن تعود للمحور أو بحسب التعبير القرآني ،
إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ إِذَا مَسَّهُمْ طَٰئِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَٰنِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ . والمشكل أو الهلاك في تتبع خطوات الشيطان وننسى هويتنا ونضيعها
وهذه الدنيا تشوفك أصناف الناس وقلما تجد منهم من لاينسى هويته ولا يضيعها لسبب تغيير فكري أو مستجد عقائدي وقد نتفهم بعضهم فكل إنسان حر في رأيه أو مزاجه ومنهم من يضيع هويته بسبب خشيتهم من أن تصيبهم دائرة وبعضهم مضيع المشيتين مذبذبين لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء وقسم صار طماطة يرهم على كل شيء . والمتربصون بنا من خصومنا يرصدون الأموال الطائلة وكل جيوشهم العسكرية والألكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي لكي يسلبون منا هويتنا ويجندون ضعاف النفوس لهذا الهدف الخبيث.
فتجد تقلبات كثيرة في ولاء الناس وهوياتهم فقد تجد بعض القوميين العرب صاروا يناغون أهل التطبيع ونسوا قضياهم المركزية وعندنا مصاديق كثيرة لهذا المفهوم نجدها بدون عناء في سياسيينا والأشد إيلاماً لما تكون القضية بلباس الدين وتصدر من معممين وصاروا لا يخجلون من التملق للظلمة والمفسدين في الأرض ويترحمون على القتلة والمجرمين من مشايخ الخليج الذي عاثوا فسادا وتقتيلاً فينا وبأهل اليمن وسوريا وليبيا ويصافحون المحتل بل ويعتبرون من يذبح أبناءنا من دول الخليج أنهم بمثابة “الأب” للجميع واثبتت قوتها وتعمل على إحلال السلام في المنطقة ، أو قد تجد معمم يدعو للإلحاد - يا أخي إلبس ماتحكي أو أحكي مثل ما تلبس- كما يقول الأخوة اللبنانيون،
وفي الجانب هناك رجال قمم شامخة يعرفون ببصيرتهم نهج الحق ولا يحيدون عنه ويعرفون عدوهم ثابتون.على ولائهم وما أمنوا به بأن يكونوا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً والحشد ليس منكم ببعيد وكذا محور المقاومة يبقون شوكة في عيون الطواغيت ويحتفظون بهويتهم ويحافظون عليها من الضياع
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha