حازم أحمد فضالة ||
اليوم (20-أيار-2022) رحل الشاعر العراقي (مظفر النواب) بعد غرْسه (88) عامًا، ليصنع لنا (قِرنًا شعريًا)، فبذلك؛ أُنبيكَ عليًّا وأُعَزِّيكَ عليًّا، وأُعزي القدس برحيل شاعرها (القدسُ عروسُ عروبتكم)، وأعزّي الطير في غابة ضوءٍ بلقاءٍ أبديّ:
(يا طير أُحِبُّ وأجهل
كيف، لماذا، من هي؟
لا أعرفُ شَيّا
الحب بأن… لا تعرفُ شَيّا
هل تعرفُ كيف يكون الشاعرُ في الحُب
لقاء جميع الأنهار ومجنونًا وخُرافيّا
ويهاجر في غابة ضوء من دمعته
ويموت لقاءً أبديّا)!
ورحلتَ لقاءً أبديّا، يا مظفر الشعر النازل لآلِئَ من غيم الله الأبيض، للأرض! في رحلة عشق أبدية…
أبكيكَ، أنا الذي عانقتُ قصائدك منذ تبلور دموعي، وشجوني، وتفصُّد حروف الشعر في خلجات قلبي، أبكيكَ يا جبلًا مقاومًا في الزمن الصعب، حيث مشانق الجهل عطشى لاهثة للشنق! أما أنت فكُنتَ رِقابًا طالت، طالت تصدح في اللاءات لتكسر أعمدة الشنق!
وبكيتُكَ (حيث تكون الأشياء بكاءً مطلق)
أُنبيكَ مُظفر
ها إنَّا نتشيّع بالدمع وحرِّ القلب
ها إنّا نتأوَّه بالحزن وجرح الروح
أيموتُ الشاعر!
إي، يموت ويحيا
فالشِّعرُ خلود
مظفر يا وترَ الليل، ما زالت وترياتك حُبلى بالأقمار وبالفيروز وبالأشواق، وتريات ليلية:
(في تلك الساعة من شهوات الليل وعصافير الشوك الذهبية تستجلي أمجاد ملوك العرب القدماء وشجيرات البر تفيح بدفء مراهقة بدوية)
ورحلتَ غزير الشعر، أتذْكر مُذ ناجيتَ عليًّا:
(أُنبيكَ عليًّا
ها إنا نتوضّأ بالذلّ ونمسحُ بالخرقة حدَّ السيف
ها إنّا نتحجج بالبرد وحرِّ الصيف… )
اليوم أُنبيكَ مظفر:
ها إنّا نتوضّأ بالعِزِّ ونشحذُ بالمجد (سيوف القدس)
ها إنّا نتوثب باليستيًا ومُسَيَّرَةً
ها إنّا إسلامُ (علي) فانبئهُ مظفر
وداعًا أيها الشاعر الفذ الراحل (بقطار الليل)، الذي لا يُشَقُّ له بحر ولا وزن، وداعًا أيتها القامة الشامخة حتى لكاد يُطأطئ من علوِّها القمر، أننساك… كيف ننسى وأنت الأعينُ في لغتنا، أننساك وأنت (دَگ اگهوه وريحة هيل)! ستعود إلينا، ونزورك جمعًا حتى ننشد (مرينه بيكم حمد)!
(في العاشر من نيسان
نسيتُ على باب الأهواز عيوني)
اعرُج يا زخة تغريد وبلابل حُبٍّ سكرى من رائحة الطين العراقي…
(وغسلت فضاءك في روح أتعبها الطين تعب الطين سيرحل هذا الطين قريبًا تعب الطين)