جمعة العطواني ||
· مركز افق للدراسات والتحليل السياسي
يعرف اهل العلم الثقافة على انها ( المركب الذي يشمل المعرفة والعقائد والفن والاخلاق والقانون والعرف وكل القدرات الاخرى التي يكتسبها الانسان باعتباره عضوا في المجتمع).
اذا ما اخذنا هذا التعريف بعين الاعتبار عند تقييمنا للثقافة والمثقف ومدى الاهتمام فيهما ، واسقطناهما على العقود القليلة الماضية والى يومنا هذا فاننا نجد ان الثقافة والمثقف في العراق مرت بمراحل عدة منها:
اولا مرحلة الثمانينات التي تربع فيها نظام المقبور صدام على حكم العراق، اذ انه حارب الدين بطريقة ارهابية غير مسبوقة ، وبهذا فان الثقافة قد خسرت احد عناصرها حسب التعريف اعلاه.
اما العرف الذي يتحدث عنه التعريف فانه في حقبة البعث كادت القيم والاعراف الاجتماعية تصبح اثرا بعد عين من خلال اسلوب القمع وكتابة التقارير، ومعيار اولوية البعثي الامي على العالم والمفكر الذي لا يؤمن بفكر البعث وسياسته القمعية .
ثانيا: دخلنا في عقد التسعينات الذي تحول العراق بكافة شعبه الى مجتمع شبه (امي) وفقير جائع، يبيع المثقف ما تبقى من كتبه التي يروي بها فكره ويغذي عقله بسبب الحصار من جهة وملاحقة زمرة البعث من جهة ثانية.
ثالثا: عاش الشعب العراقي وبخاصة المثقف منه في قطيعة تامة عن محيطه الخارجي الاقليمي والدولي خلال عقدين ونصف العقد من الزمن، وفي هذين العقدين تقدم العالم خطوات كبيرة في مجال العلم والفكر والثقافة وسائر الفنون الاخرى ، فاستفاق المثقف العراقي على عالم يكاد ان يكون فيه هذا المثقف اشبه ب (الغريب) في هذا المجال.
خامسا: استفاق الشعب العراقي كذلك بعد عام 2003 وهو يعيش بين اولويات بسيطة لكنها اعلى ما يطمح اليه في وجوده الانساني ، من حيث البحث عن كريم العيش وحرية الانسان ودينه الذي حورب بسببه لعقود طوال.
وكذلك كان يظن خيرا بالنخب الثقافية والسياسة التي كانت خارج العراق، علّها تقدم له شيئا من تجاربها ومعاشرتها للمفكرين والعلماء هناك .
لكن المفاجاة التي حصلت ان السياسين كان همهم الوصول الى السلطة ، وان اولوياتهم هو الحكم والمال وتقاسم المناصب.
وان اغلبهم ليس لديه حظ من الثقافة ما يعطيه للمجتمع العراقي ، فاستغرق في السياسة وامتيازاتها ، وبما انه لا يملك حظا من الثقافة واهتماماتها فانه حارب ما تبقى من المثقفين لكي لا تظهر ( اميته) امامهم، فحارب هو الاخر الثقافة والمثقفين ايضا، وقرب اشباه الاميين وانصاف المتعلمين .
اما البعض الاخر من المثقفين فانهم جاؤوا ببضاعة ملوثة من الغرب، حيث الانحلال الفكري والثقافي والعادات الغربية من انحطاط وميوعة ومثلية وغيرها، وهم يرفعون شعارات ( حرية التعبير والفكر والماكل والملبس...الخ ) ويتعبدون بكل ما انتجه الفكر الغربي حتى لو لم يكن يتلائم مع قيمنا واخلاقنا وديننا وعاداتنا).
فما بين هذا وذلك اصبحت الثقافة والمثقف ووزارة الثقافة ليست من اولويات القوى السياسية ، والانكى من ذلك انها تحولت الى مرتع لاصحاب الثقافات الوافدة على مجتمعنا ممن ذكرناهم اعلاه .
اكثر من ذلك فان المثقف لم يحتفظ بخصوصيته وما يحمله من موروث وجهد فكري يقدمه للمجتمع، بل انه تحول الى تابع للسياسين واشباه الاميين من الذين بيدهم المال والقرار في الدولة ، فقلت قيمته وأُمتُهِن فكره
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha