لمى يعرب محمد ||
يحكى إن هناك فلاحون في قرية جميلة، يعتادون زراعة القمح، وفي هذه القرية التي يسكنها هؤلاء الفلاحون ملك في مقتبل العمر، متمردٌ أنانيٌ يرعى أمور رعيته بالتسلط والعبودية، يرغبونه بعضهم ويخشونه آخرين، وفي يوم من الأيام ذهب هذا الملك إلى فراشه لينام، فلم يستطع فأصابه الأرق والتعب إلى صباح اليوم التالي، وحين أشرقت الشمس اخذ الملك فرسه يتنقل بين مزارع قريته الجميلة ليريح نفسه وناظريه، من ارق وجهد ليلته الماضية.
شاهد الملك الفلاحين، يحصدون سنابل القمح بحب وتعاون، تعلو هممهم روح التفاؤل والنشاط، يصدرون حصادهم هذا للقرى المجاورة فينالون محبتهم واحترامهم ويكسبون منهم رزقهم بسخاء، بينما هو مشغول بمشاهدة هذا المشهد البديع، اخذ شيئا فشيئا يقترب من نهر القرية، وعندما جلس بقربه وأمعن فيه، فإذا هو نهر شديد العذوبة والصفاء، سار الملك بمحاذاته وهو يفكر بجماله وروعة منظره، وبدون شعور اجتاز الملك قريته فدخل القرية الثانية المجاورة، رأى الناس يصطادون السمك من هذا النهر الجميل ليعتاشوا عليه، اندهش بهول ماراه من انتهاك وتمرد لأهل هذه القرية بحسب رأيه واعتقاده.
انزعج الملك من رؤية هذا المنظر، فكان يحسبه انه ملكه الخاص، فرجع وهو غضبان يفكر كيف يكون هذا النهر ملكا له ولقريته، وبعد عدة أيام أمر الملك سكان القرية جميعا ببناء سد ضخم، لجمع ماء النهر وحجزه عن بقية القرى المجاورة، بحجة إن عدد سكان قريتهم ومزارعهم أكثر عددا و استحقاقا لهذا النهر، وانه فيه من الخيرات الكثير الكثير، مابين مطيع ومغلوب على أمره استجاب السكان لأمر ملكهم، الصادر بشأن حجز ماء النهر وبدؤوا ببناء السد العظيم، فترك المزارعون رعاية قمحهم ومزارعهم طاعة لأمر ملكهم المتهور، وتم بناء السد بإحكام وقطعت الصلة بجميع القرى المجاورة.
علم ملوك القرى بما فعله هذا الملك فأرسلوا له رسولا يخبره بضرر ما فعله وانه عمل مشين لن يليق بسمعة قريته وأهله، فلم يستجيب لهم بل زاد إصرارا وعنادا.
قرر ملوك القرى المجاورة، أن يبنوا مئذنة مرتفعة، بالقرب من حدود قرية الملك المتهور، وعندما تم اكتمالها قام احد الملوك بإرسال منادي، ليرتقي المئذنة وينادي : الله اكبر الله اكبر، وكان هذا الوقت ليس بوقت صلاة الفجر وانه منتصف الليل!! وعندما شق صوت المنادي الرخيم ظلام الليل الدامس، تدفق صوته إلى أسماع الملك، وظن أنها موعد صلاة الفجر، قام الملك يتوضأ ليصلي فتعثر بفراشه وسقط، فنادى خادمه بارتباك يوقد الشموع ويقوم بإنارة القصر، وبعد برهة من الزمن سمع الملك زوجته تصرخ وتقول: قد منعت عنهم الماء فحجبوا عنك الضوء ولن ترى الشمس وتصلي بعد الآن، أنصدم الملك بكلام زوجته فسألها عما يدور في خاطرها، أجابته قائلة أنهم حجبوا ضوء الشمس عنهم مثلما منعت عنهم الماء فهذا صوت الآذان قد اقبل ومضى ولن تشرق الشمس بعد!!!
صرخ الملك يا لتمرد هؤلاء الملوك، وسقط مغشيا عليه جراء تصرفه الأرعن..
https://telegram.me/buratha