انتصار حميد ||
أن نختلفَ في التفاصيلِ مع الاتفاقِ على جوهرِ القضايا، فهذا أمرٌ صحيٌّ, يندرجُ في مسارِ التقويمِ الصحيح , باعتبارِ إمكانيَّةِ وجودِ التوهُّم والخطأ فيمن لم يعصمْه اللهُ تعالى عن ذلك . فمثلا قضيةُ ما يسمَّى بمشروع قرار الأمن الغذائي: قضيةٌ اقرَّت المحكمةُ الاتحاديَّةُ العليا ببطلانِها، بموجب المدونةِ التي جاءَ عليها مشروعُ القرار .
إنَّ وقوفَ المحكمةِ الدستوريةِ بوجهِ هذا القرار, يمثلُ مشروعيةَ وجهةِ نظرِ الآخر المختلف, وهي وجهةُ نظرٍ كان ينبغي أن يُحمَدَ عليها، لا أن يُوصفَ بالتبعيَّة والعمالة.
تذكَّرْ بأنَّ التبعيَّةَ الذين وصفتَهم هم ورثةُ المقابرِ الجماعيَّة.. أبناءُ السواترِ التي أذلَّتْ الاستكبارَ ومن سارَ في ركبه فكر من العربِ والعراقيين. وإذا أردتَ أن تتعرفَ على تبعيتِهم جيِّدا, فاخرج إلى الطرقاتِ ستجد لهم على كلِّ عمودٍ ما يشهدُ لغيرتِهم ووطنيتِهم : صورا تحكي قصةَ أبطالٍ في ريعانِ الشباب أبَوا الَّا العزةَ للدينِ والوطن .
وسواءٌ في إطارِ المقابرِ الجماعيَّةِ أو في إطارِ الهجمةِ البربريَّةِ الداعشيَّة فإنَّ هؤلاء قد قُتِلُوا تحتَ مظلَّة شعاراتٍ وأوصافٍ, من أبرزها (عملاء وتبعيَّة).
من يقولُ بغيرِ ذلك إمَّا أنَّه لم يدرك كلَّ التفاصيلِ المرَّة للحقبتين, وإمَّا أنَّه يكون واقعًا خارجَ الزمن، أو خارج الوعي بحجم المحنة.. خارجَ سيرورةِ الأحداثِ التي آلت إلى أن تتأكَّد العقائدُ التي رسَّخها البعث لتنخرَ جسد الحاضر، كما نخرت جسد أكثر من ثلاثة عقود.. تلك العقائد التي لا تؤمنُ إلَّا بأقصاء المختلف وإلقاء التهم جزافا.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha