كوثر العزاوي ||
كل مؤمن موالٍ لآل محمد "عليهم السلام" بلاشك أنه يعرف خاتمهم المهدي"عجل الله فرجه"ومَن كُلِّفَ بانتظاره والاستعداد لظهوره والتمهيد له، ولكن: أخطر سؤال يرِد على ذهن كل مؤمن سائلًا نفسه ذكرا كان أم أنثى: هل ثمة مايؤهّلهُ ليكون من المنتظرين، ومن الأنصار والممهّدين؟!! ولم يفتأ باحثًا عن إجابة ليرتاح الضمير ويهدأ البال، ثمّ ما أن يلبث حتى يَردُ خاطِرًا يراود عقلهُ! ترى ما هو تكليفي وواجبي في عصر غيبة الإمام الثاني عشر الإمام المهدي "عجل الله تعالى فرجه الشريف"، وما هو فضل الموالين زمن الانتظار على غيرهم من الناس، فيأتي الجواب مُسعِفًا: إفزع إلى كتاب الله تعالى وابحث في كتب التفسير والمعارف القرآنية ثم عرّج على ما ورد في كتب الحديث والسيرة لتجد كمًّا هائلا لِما غاب عن ذهنك فأنّ أهل البيت "عليهم السلام " لم يتركوا تساؤلاتِ أتباعهم دون إجابة، فأحاديثهم الشريفة ورواياتهم المطهرة، ذَكرت وبشكل مفصّل مجموعة من الوظائف والأدوار ولابد للمكلف من الالتزام بها والعمل بمقتضاها وينبغي لكل موالٍ منتظِرٍ أن يُتعِب نفسه في البحث والله مسدّدهُ،
ومن هنا، بات لزامًا على كل مسلمٍ مكلَّف موالٍ أن يستفهم ويفكّر بمعرفةِ ماوراء تكليفهُ وعن سلامة أهدافه وكم هو يسعى ليكون جزءًا حقيقيًا من "مشروع الوعد الإلهي" وكم هو مهتمّ على صعيد الأسرة والمجتمع وكم يشتغل ومَن معه من المنتظرين ليجعلوا من أنفسهم وأهليهم نماذج لتكون مصداقًا لما جاء في الرواية ولو بنسبة معينة في وصف أصحاب الإمام المهدي "عجل الله فرجه"
{قلوبهم أشدّ من زبر الحديد لا يشوبها شكٌّ في ذات الله، أي إنَّهم بلغوا الذروة في التوحيد والعبودية ويوحّدونهُ توحيدًا كاملًا، وبما أنَّ كمال توحيده الإخلاص له إذن فعندهم تمام الإخلاص لله تعالىٰ}
فهلّا فكّرنا وتأملنا في معنى ارتباطنا بولاية الحجة المنتظر عقلًا وفهمًا ووجدانًا وتطبيقًا واستعدادًا للتضحية من أجل المشروع المهدوي العالميّ؟!! وهل نحن فعلا يهمّنا أمر الأمة بلا تفريق بين المجتمعات المستضعفة؟! وكم نحن نرى ونعيش ونستحضِر آلام إمام زماننا ثم نعيش اليقظة والحذر من أن نكون سببًا في آلامه وهو الذي يرى مايحصل في العالم من مختلف الجرائم والظلم بل ويرى كل هذا الفساد وكل هذا الظلم والقسوة والغفلة والبعد عن جوهر المبادئ والأهداف العليا!!..لاحظوا أنّ أكثر مايدمي القلب هو ابتعاد هذا المجتمع عما يجري في العالم وعن قيم العفة وعن الالتزام بالفضيلة والطهارة، ثم لاحظوا بقبال ذلك حجم شغل الاستكبار وسعي الماسونية والصهاينة، وشغل الطواغيت وتسلطهم في البلاد الإسلامية من أعراب التطبيع والخنوع، ثم انظروا حجم التصويب ضد القيم الإسلامية بهدف جرّ الناس بلا ضوابط نحو الشهوات وتركيز الاهتمام على البطن والفرج ومايُخرجهم من حيّز إنسانيتهم إلى حيز البهيمية تعطيلًا للعقول وإطفاء نور الفطرة!! ولكن رغم كل ماجرى ويجري يبقى حَريٌّ بالمؤمن أن يكون بعيدًا عن اليأس والأحباط والعزلة حتى يتسنى له الانشراح والانفتاح على فضاء الوعد الإلهي ودولته المنتظَرة ولو مع الثلة القليلة الثابتة، حيث أكّدت الروايات انّ الله اذا عَلِم منها التفاني والإخلاص والسعي والولاء والمرابطة، وصِدقُ الارتباط بإمام الزمان ومن ينوب عنه في زمن الغيبة من القادة المخلصين، فليستبشِر خيرًا، فإنّ القضية بعين الله وعلى الله الذي لم ولن يخذل ذووا الإخلاص"حاشاه" وهو القائل "عزوجل"
{وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} النور ٥٥
وبهذه الحقيقة تطمئن القلوب ويرتفع منسوب الأمل والتفاؤل ويرسخ اليقين والايمان، وتتعزز فكرة أنّ الله هو مَن وَعَدَ ، وقطعًا جزمًا سَيَفي بوعدهِ "سبحانه" رغم كل مانعيشه اليوم من انسداد الأفق وتفاقم الخطط وغلبة الباطل ظاهرًا، إلّا أنّ المؤمن لابد ان يثق بوعد الله ويعمل بأخلاص وتجرّد، من أجل تحقيق هذا الوعد الإلهي الذي به تحيا الأرض بعد موتها ويتجلّى الحق منتصرا.
١- ذي القعدة١٤٤٣هج
١-٦-٢٠٢٢م