كوثر العزاوي ||
في حقبةِ الصبا، عَرَفتكَ معجَمٌ لمعاني السماحة والمروءة والعطاء، في زمن كلّ لون في بلدي قاتم، حتى لون السماء قد بَدت زُرقَتها تُناغِم كسوف شمس العراق مطلعَ الثمانينات، فلا النجوم لامعة ولا القمر مضيء ولا الخُضرة خَضرة ولا الطيور شادية!! بَيدَ أننا وعِبر أثير العشق كنا نهمَسُ لبعضنا حينما يكلمنا الصمت عن سندٍ اسمه "الخميني"فيُنسينا اليُتم ومشاهدَ ذبح الآمال، وأفول كواكب الأسحار.. وكلما مرّ ذكركَ روحًا لله، تخفقُ نحوكَ القلوب وتهلّ الدموع مصحوبة بابتسامة ذَبُلت على شفاه الذِّكر في كل فجر على ربى أرواحنا!
لم يكن "روح الله الخميني" في عالَم صِبانا عالِمًا ثائرًا قد استحوذ على الأرواح والقلوب وحسب! إنما كان ومضة نورٍ مِن ألطافِ السّرِّ الملكوتيّ ونفحة جمالٍ من عالَم الجنان، إذ ألقَت بظلالها على نفوسٍ وأرواح انهكتها سياط الجبابرة، ليأتي روح الله فيجعل له الرحمن وُدّا وعشقًا كما هو عاشق ذائب في الحق وأهله ليُعيد نظارة الفضاء فتنسَّمنا زاكيَ الهواء.
وفي يوم خانق، استفاق صباحي على شمس حزن لاإشراق معها، قلتُ: مابالُ جوانحي تضطرم!، وعصفور جَناني كاد يُشعِلُ خافقي؟!! ورويدا يقترب ليلي على ضوء قمر يرتدي الخَسف ثوبًا حتى تغيّر كَوني! وكأنّ مَلًكًا يعزّيني"رحل روح الله" فلم أكن أجيد الصراخ، خوفا من استراق الذئاب سمعهم لصوتِ مذياعي، فدفنت رأسي بين ركبتَيْ، وعضضتُ على الجرح، آه لرحيلك ياسندي، لقد تمرغ طائر الروح في القفص كالمذبوح حزنًا حتى انتهى يومي ولم تنتهي غصتي، آه لغربتنا آنذاك وحكاية يتيمٍ غادرته كل سعادة، وبات قاب قوسين أو أدنى من اليأس لو لا أن تداركته يدُ اللطف لتشير إليه أن ارمي بطَرفِك للسماء وَثِقْ، أن موطن العشاق في العلياء، ومواصلة النهج عين الوفاء، فأحيوا قلوبكم بحياة الأسلام، باستدرار فيض الطهر ليُحيلَ جدبَ القلوب ريًّانة! أجل أيتها الروح"روح الله" لقد واصلنا رغم الوجع ومازلنا، وسنبقى على العهد وتبقى فينا فكرًا ونهجًا، ومازلتَ حيًّا في كل خاطر تغدق علينا زلال المعنويات..فسلام لروحك ماحَيِينا.
٣ذوالقعدة١٤٤٣هج
٣-٦-٢٠٢٢م
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha